ِ قَوْلُهُ (وَهِيَ الْأَرْضُ الدَّاثِرَةُ الَّتِي لَا يُعْلَمُ أَنَّهَا مُلِكَتْ) . قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ " الْمَوَاتُ مِنْ الْأَرْضِ هِيَ الَّتِي لَمْ تُسْتَخْرَجْ وَلَمْ تُعْمَرْ ". قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَظَاهِرُ إيرَادِ الْمُصَنِّفِ: تَعْرِيفُ " الْمَوَاتِ " بِمَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ: الِانْدِرَاسُ، وَانْتِفَاءُ الْعِلْمِ، تَحْصِيلًا لِلْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ: أَنَّهُ الَّذِي لَمْ يُسْتَخْرَجْ، وَلَمْ يُعْمَرْ. وَعَلَيْهِ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَذَكَرَهُ. قَالَ: وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا قَالُوا لَكَانَ أَوْلَى وَأَبْيَنَ. فَإِنَّ الدُّثُورَ يَقْتَضِي حُدُوثَ الْعُطَلِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، حَيْثُ قَالُوا: قَدِمَ وَدَرَسَ. وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ تَقَدُّمَ عِمَارَةٍ. وَهُوَ مَنَافٍ لِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالْمِلْكِ. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالدَّائِرَةِ: الَّتِي لَمْ تُسْتَخْرَجْ وَلَمْ تُعْمَرْ. وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ إيرَادِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ " فَإِنْ كَانَ فِيهَا آثَارُ الْمِلْكِ ". فَعَلَى هَذَا يَكُونُ وَصْفُ " انْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالْمِلْكِ " تَعْرِيفًا لِمَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ مِنْ الْمَوَاتِ، لَا لِمَاهِيَّةِ الْمَوَاتِ. وَذَلِكَ حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ. ثُمَّ مَا يَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ، لَا يَكْفِي فِيهِ مَا قَالَ. فَإِنَّ حَرِيمَ الْعَامِرِ، وَمَا كَانَ حِمًى أَوْ مُصَلًّى: لَا يَمْلِكُ، مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ. وَيَرِدُ أَيْضًا عَلَى مَا قَالَ: مَا عُلِمَ مِلْكُهُ لِغَيْرِ مَعْصُومٍ. فَإِنَّهُ جَائِزُ الْإِحْيَاءِ. قَالَ: وَالْأَضْبَطُ فِي هَذَا: مَا قِيلَ " الْأَرْضُ الْمُنْفَكَّةُ عَنْ الِاخْتِصَاصَاتِ، وَمِلْكُ الْمَعْصُومِ " فَيَدْخُلُ كُلُّ مَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ. وَيَخْرُجُ كُلُّ مَا لَا يُمْلَكُ بِهِ. انْتَهَى. قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ فِيهَا آثَارُ الْمِلْكِ وَلَا يُعْلَمُ لَهَا مَالِكٌ: فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) إنْ كَانَ الْمَوَاتُ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ أَثَرُ عِمَارَةٍ: مُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ بِلَا خِلَافٍ. وَنَصَّ عَلَيْهِ مِرَارًا. وَإِنْ عُلِمَ لَهُ مَالِكٌ بِشِرَاءٍ أَوْ عَطِيَّةٍ، وَالْمَالِكُ مَوْجُودٌ هُوَ أَوْ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ: