قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لَهُمَا فَهِيَ لَهُمَا. وَيَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. فَإِنْ نَكَلَ فَعَلَيْهِ بَذْلُ نِصْفِهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَيَلْزَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحَلِفُ لِصَاحِبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ. وَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِالْأَوَّلِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ صَاحِبُهَا: حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ) يَعْنِي يَمِينًا وَاحِدَةً. إذَا أَقَرَّ بِهَا لِأَحَدِهِمَا، وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ عَيْنَهُ. فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يُصَدِّقَاهُ أَوْ لَا. فَإِنْ صَدَّقَاهُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ. إذْ لَا اخْتِلَافَ. وَعَلَيْهِ التَّسْلِيمُ لِأَحَدِهِمَا بِالْقُرْعَةِ مَعَ يَمِينِهِ. ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَارِثِيُّ. وَقَالَ: هُوَ الْمَذْهَبُ، وَنُصُوصُ أَحْمَدَ تَقْتَضِيهِ. وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقَاهُ. فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يُكَذِّبَاهُ، أَوْ يَسْكُتَا. فَإِنْ لَمْ يُكَذِّبَاهُ: قَبْلَ قَوْلِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ. ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: أَبُو الْخَطَّابِ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَارِثِيُّ. وَذَكَرَ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهًا آخَرَ. وَعَلَّلَهُ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهَذَا بِمُجَرَّدِهِ حَقٌّ، إنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ صَرِيحِ الدَّعْوَى لِوُجُوبِ الْيَمِينِ. انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ: يُقْرَعُ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ. فَمَنْ أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ أَنَّهَا لَهُ، وَأُعْطِيَ. وَإِنْ كَذَّبَاهُ: حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ. كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَذْهَبَ: لَا يَمِينَ عَلَى مُدَّعِي التَّلَفِ وَمُنْكِرِ الْجِنَايَةِ وَالتَّفْرِيطِ وَنَحْوِهِ،