وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ ادَّعَى الْوَدِيعَةَ اثْنَانِ، فَأَقَرَّ بِهَا لِأَحَدِهِمَا: فَهِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ) بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. لَكِنْ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهَذَا اللَّفْظُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ كَمَالَ الِاسْتِحْقَاقِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْيَمِينِ. وَهِيَ إنَّمَا تُفِيدُ الِاسْتِحْقَاقَ حَالَ رَدِّهَا عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ، أَوْ حَالَ تَعَذُّرِ كَمَالِ الْبَيِّنَةِ. وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْ الْأَمْرَيْنِ. لَا يُقَالُ: الْمُودِعُ شَاهِدٌ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاعْتُبِرَتْ لَهُ الْعَدَالَةُ، وَصِيغَةُ الشَّهَادَةِ. وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ. فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُهُ عَلَى حَلِفِهِ لِلْمُدَّعِي. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَيَحْلِفُ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْضًا لِلْمُدَّعِي الْآخَرِ) . عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ هُنَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ: حَلَفَ فِي الْأَصَحِّ ذَكَرَاهُ فِي بَابِ الدَّعَاوَى. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ نَكَلَ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ لِلثَّانِي. بِلَا نِزَاعٍ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ تَبَيَّنَ لِلْمُقِرِّ بَعْدَ الِاقْتِرَاعِ: أَنَّهَا لِلْمَقْرُوعِ. فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَدْ مَضَى الْحُكْمُ. أَيْ لَا تُنْزَعُ مِنْ الْقَارِعِ. وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِلْمَقْرُوعِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَظُنُّهُ صَاحِبُهَا. ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ: ضَمِنَهَا لِتَفْرِيطِهِ. صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي. وَخَرَّجَ فِي الْقَوَاعِدِ وَجْهًا بِعَدَمِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُتْلِفِ وَحْدَهُ.