وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ " وَإِذَا قَالَ: عِنْدِي عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَالَ: وَدِيعَةٌ. وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ مَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغَيِّرُهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ قَوْلُهُ. لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ إذَا قَالَ: لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ دَفَعْتهَا إلَيْك: صُدِّقَ. انْتَهَى. قُلْت: وَهَذَا الصَّوَابُ. وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الرَّدَّ إلَى رَبِّهَا، وَأَنْكَرَ وَرَثَتُهُ. فَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ. كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا. ثُمَّ وَجَدْته فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَطَعَ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: مَا لَك عِنْدِي شَيْءٌ: قَبْلَ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ) بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ إنْ وَقَعَ التَّلَفُ بَعْدَ الْجُحُودِ وَجَبَ الضَّمَانُ. لِاسْتِقْرَارِ حُكْمِهِ بِالْجُحُودِ. فَيُشْبِهُ الْغَاصِبَ. ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَارِثِيُّ. وَقَالَ: وَالْإِطْلَاقُ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَبْلِ الْجُحُودِ وَبَعْدَهُ، عَلَى ظَاهِرِ إطْلَاقِ جَمَاعَةٍ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَقَدْ قِيلَ: إنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِالتَّلَفِ بَعْدَ الْجُحُودِ: فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. وَإِنْ شَهِدَتْ بِالتَّلَفِ قَبْلَهُ: فَلَا ضَمَانَ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ مَاتَ الْمُودَعُ فَادَّعَى وَارِثُهُ الرَّدَّ: لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) بِلَا نِزَاعٍ. وَكَذَا حُكْمُ دَعْوَى الْمُلْتَقِطِ، وَمَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبًا: الرَّدُّ إلَى الْمَالِكِ.