قَالَ الْحَارِثِيُّ: فَيُخْرِجُ مِثْلَهُ هُنَا. وَقَالَ: وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ أَبَى الْإِلْحَاقَ بِمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: عِنْدِي أَنَّ دَعْوَاهُ لَا تُقْبَلُ. لِأَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ الذَّرَائِعَ مَحْسُومَةٌ وَهَذَا فَتْحٌ لِبَابِ الِاسْتِدْرَاكِ لِكُلِّ قَوْلٍ يُوجِبُ حَقًّا. ثُمَّ فَرَّقَ بِأَنَّ الْمُرَابَحَةَ كَانَ فِيهَا أَمِينًا، حَيْثُ رَجَعَ إلَيْهِ فِي الْإِخْبَارِ بِالثَّمَنِ، وَلَيْسَ الْمُشْتَرِي أَمِينًا لِلشَّفِيعِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَصْمُهُ. فَافْتَرَقَا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ يَتَحَالَفَانِ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيَأْخُذُهُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ لَا الْمُشْتَرِي.
قَوْلُهُ (فَإِنْ ادَّعَى أَنَّك اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ. فَقَالَ: بَلْ اتَّهَبْته. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) بِلَا نِزَاعٍ. فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا، أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ: فَلَهُ أَخْذُهُ. وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إمَّا أَنْ تَقْبَلَ الثَّمَنَ، وَإِمَّا أَنْ تُبَرِّئَ مِنْهُ. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الشَّفِيعُ عَلَى بَعْضِ الشُّرَكَاءِ دَعْوَى مُحَرَّرَةً بِأَنَّهُ اشْتَرَى نَصِيبَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ، وَأَنْكَرَ الشَّرِيكُ، وَقَالَ: إنَّمَا اتَّهَبْته، أَوْ وَرِثْته. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلشَّفِيعِ بِالشِّرَاءِ: فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ. فَإِنْ قَالَ: لَا أَسْتَحِقُّهُ. فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا، أَنْ يُقَالَ لِلْمُشْتَرِي: إمَّا أَنْ تَقْبَلَ الثَّمَنَ، وَإِمَّا أَنْ تُبَرِّئَ مِنْهُ كَالْمُكَاتَبِ إذَا جَاءَ بِالنَّجْمِ قَبْلَ وَقْتِهِ. وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا. وَقِيلَ: يَبْقَى فِي يَدِ الشَّفِيعِ إلَى أَنْ يَدَّعِيَهُ الْمُشْتَرِي فَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ.