وَاخْتَارَهَا ابْنُ حَامِدٍ أَيْضًا، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْقَاضِي، مِنْهُمْ الشَّرِيفَانِ أَبُو جَعْفَرٍ، وَالزَّيْدِيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْعُكْبَرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهَذَا يَتَخَرَّجُ مِنْ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مِثْلِهِ فِي خِيَارِ الْمُجْبَرَةِ وَمِنْ غَيْرِهِ. قَالَ: وَهَذَا مُتَفَرِّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِيَّةِ، كَمَا فِي التَّمَامِ، وَفِي الْمُغْنِي. لِأَنَّ الْمَجْلِسَ كُلَّهُ فِي مَعْنَى حَالَةِ الْعَقْدِ. بِدَلِيلِ التَّقَابُضِ فِيهِ لَمَّا يُعْتَبَرُ لَهُ الْقَبْضُ. يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ حَالَةِ الْعَقْدِ. وَلَكِنَّ إيرَادَهُ هُنَا مُشْعِرٌ بِكَوْنِهِ قَسِيمًا لِلْفَوْرِيَّةِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَابْنُ حَامِدٍ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. قُلْت: لَيْسَ كَمَا قَالَ عَنْ الْخِرَقِيِّ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ: وُجُوبُ الْمُطَالَبَةِ سَاعَةَ يَعْلَمُ. فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَنْ لَمْ يُطَالِبْ بِالشُّفْعَةِ فِي وَقْتِ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ.
تَنْبِيهَانِ: إحْدَاهُمَا: قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَفِي جَعْلِ هَذَا شَرْطًا إشْكَالٌ. وَهُوَ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْحَقِّ فَرْعُ ثُبُوتِ ذَلِكَ الْحَقِّ. وَرُتْبَةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْمَشْرُوطِ. فَكَيْفَ يُقَالُ بِتَقَدُّمِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى مَا هُوَ أَصْلٌ لَهُ؟ هَذَا خَلَفٌ. أَوْ نَقُولُ: اشْتِرَاطُ الْمُطَالَبَةِ يُوجِبُ تَوَقُّفَ الثُّبُوتِ عَلَيْهَا. وَلَا شَكَّ فِي تَوَقُّفِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى الثُّبُوتِ. فَيَكُونُ دَوْرًا. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ شَرْطٌ لِاسْتِدَامَةِ الشُّفْعَةِ، لَا لِأَصْلِ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ. وَلِهَذَا قَالَ: فَإِنْ أَخْبَرَهُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ. انْتَهَى.
الثَّانِي: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ. فَإِنْ كَانَ عُذْرٌ مِثْلَ: أَنْ لَا يَعْلَمَ، أَوْ عَلِمَ لَيْلًا فَأَخَّرَهُ إلَى الصُّبْحِ، أَوْ أَخَّرَهُ لِشِدَّةِ جُوعٍ، أَوْ عَطَشٍ حَتَّى أَكَلَ أَوْ شَرِبَ. أَوْ أَخَّرَهُ لِطَهَارَةٍ أَوْ إغْلَاقِ بَابٍ، أَوْ لِيَخْرُجَ مِنْ الْحَمَّامِ، أَوْ