وَمَا ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ فِي تَعْلِيقِهِ فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ، وَلَمْ يَخُصَّهُ بِالطَّعَامِ، بَلْ قَالَ: كُلُّ تَصَرُّفٍ تَصَرَّفَ بِهِ الْأَجْنَبِيُّ فِي حَالِ غَيْرِهِ، وَقَدْ أَذِنَ فِيهِ مَالِكُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ: فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. انْتَهَى. وَلَمْ يَرْتَضِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. قُلْت: قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالسِّتِّينَ: وَمَا ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ بَعِيدٌ جِدًّا وَالصَّوَابُ: الْجَزْمُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ. لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الِاعْتِقَادِ فِيمَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ كَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً فَتَبَيَّنَتْ زَوْجَتُهُ. فَإِنَّهُ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ، وَلَا غَيْرَهُ. وَكَمَا لَوْ أَكَلَ فِي الصَّوْمِ يَظُنُّ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ غَرَبَتْ. فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ. انْتَهَى. وَهُوَ الصَّوَابُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعَارَهُ إيَّاهُ: بَرِئَ، عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْفُرُوعِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَبْرَأْ. جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَمُقْتَضَى النَّصِّ: الضَّمَانُ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ. انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ. وَقَالَ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ. يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ أَرَادَ مَا قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَلَمْ يُعَارِضْهُ الْمُغْنِي، وَالْمُقْنِعُ. فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ جَزَمَ بِالْبَرَاءَةِ فِيهِمَا. وَأَمَّا صَاحِبُ الْفُرُوعِ: فَإِنَّهُ تَابَعَ الْمُصَنِّفَ فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ أَعَادَ النَّظَرَ. فَحَكَى الْخِلَافَ، كَمَا حَكَاهُ غَيْرُهُ.

فَائِدَةٌ: لَوْ بَاعَهُ إيَّاهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ، فَقَبَضَهُ جَاهِلًا: لَمْ يَبْرَأْ، عَلَى الْمَنْصُوصِ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّهُ يَبْرَأُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015