الْيَدُ الْخَامِسَةُ: يَدٌ قَابِضَةٌ لِمَصْلَحَتِهَا، وَمَصْلَحَةِ الْغَاصِبِ كَالشَّرِيكِ، وَالْمُضَارِبِ، وَالْوَكِيلِ بِجُعْلٍ، وَالْمُرْتَهِنِ فَالْمَشْهُورُ: جَوَازُ تَضْمِينِهَا أَيْضًا. وَتَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَتْ. لِدُخُولِهَا عَلَى الْأَمَانَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الرَّهْنِ: احْتِمَالَيْنِ آخَرَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: اسْتِقْرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْقَابِضِ. وَحَكَوْا هَذَا الْوَجْهَ فِي الْمُضَارِبِ أَيْضًا.

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ تَضْمِينُهَا بِحَالٍ. لِدُخُولِهَا عَلَى الْأَمَانَةِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَذْهَبُ. وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَضْمِينُ الْقَابِضِ مَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ضَمَانِهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ. وَحَكَى الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَجْهًا آخَرَ: أَنَّ الضَّمَانَ فِي هَذِهِ الْأَمَانَاتِ يَسْتَقِرُّ عَلَى مَنْ ضَمِنَ مِنْهُمَا. فَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآخَرِ.

الْيَدُ السَّادِسَةُ: يَدٌ قَابِضَةٌ عِوَضًا مُسْتَحَقًّا بِغَيْرِ عَقْدِ الْبَيْعِ كَالصَّدَاقِ، وَعِوَضِ الْخَلْعِ، وَالْعِتْقِ، وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا لَهُ، أَوْ كَانَ الْقَبْضُ وَفَاءً لِدَيْنٍ مُسْتَقَرٍّ فِي الذِّمَّةِ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ صَدَاقًا، وَقِيمَةَ مَا تَلِفَ وَنَحْوَهُ فَإِذَا تَلِفَتْ هَذِهِ الْأَعْيَانُ فِي يَدِ مَنْ قَبَضَهَا، ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ: فَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَابِضِ بِبَدَلِ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ، عَلَى مَا تَقَرَّرَ. قَالَ: وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ: أَنْ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَيْهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى فِي الصَّدَاقِ. وَالْبَاقِي مِثْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّضْمِينِ. فَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا غَرِمَ مِنْ قِيمَةِ الْمَنَافِعِ، لِتَغْرِيرِهِ. إلَّا بِمَا انْتَفَعَ بِهِ. فَإِنَّهُ مُخَرَّجٌ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَأَمَّا قِيَمُ الْأَعْيَانِ، فَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَمَنْ اتَّبَعَهُ: أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا. ثُمَّ إنْ كَانَ الْقَبْضُ وَفَاءً عَنْ دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ: فَهُوَ بَاقٍ بِحَالِهِ. وَإِنْ كَانَ عِوَضًا مُتَعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ: لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ هُنَا بِاسْتِحْقَاقِهِ. وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ النِّكَاحَ عَلَى الْمَغْصُوبِ لَا يَصِحُّ. لِأَنَّ الْقَوْلَ بِانْتِفَاءِ الصِّحَّةِ مُخْتَصٌّ بِحَالَةِ الْعِلْمِ. ذَكَرَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015