مُنَاقَشَةٌ. فَإِنَّ ضَمَانَ الْغَاصِبِ لَا يُتَصَوَّرُ. لِنُقْصَانِ الصَّبْغِ. إذْ هُوَ مَالُهُ. فَلَا يَجُوزُ إيرَادُهُ لِإِثْبَاتِ حُكْمِ الضَّمَانِ وَالْأَجْوَدُ أَنْ يُقَالَ: تَنْقُصُ قِيمَةُ الثَّوْبِ. وَكَذَا قَوْلُهُ " أَوْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا " لَيْسَ بِالْجَيِّدِ. فَإِنَّهُ مُتَنَاوِلٌ لِحَالَةِ النُّقْصَانِ فِي الصَّبْغِ، دُونَ الثَّوْبِ. وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. فَإِنَّ الضَّمَانَ لَا يَجِبُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ بِحَالٍ. وَالصَّوَابُ: حَذْفُهُ. غَيْرَ أَنَّ الضَّمَانَ إنْ فُسِّرَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَاصِبِ: يَكُونُ النَّقْصُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ. وَقِيلَ: بِاسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ مَعًا، وَبِاسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَدْلُولِيهِ مَعًا. فَيَتَمَشَّى. انْتَهَى. فَإِذَا حَصَلَ النُّقْصَانُ، لِكَوْنِهِ مَصْبُوغًا، أَوْ لِسُوءِ الْعَمَلِ، فَعَلَى الْغَاصِبِ. وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ. فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةً وَهِيَ الْآنَ بَعْدَ الصَّبْغِ ثَمَانِيَةٌ فَالنَّقْصُ عَلَى الْغَاصِبِ. وَإِنْ كَانَ لِانْخِفَاضِ سِعْرِ الثِّيَابِ: فَالنَّقْصُ عَلَى الْمَالِكِ. فَيَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةٌ. وَإِنْ كَانَ لِانْخِفَاضِ سِعْرِ الصَّبْغِ: فَالنَّقْصُ عَلَى الْغَاصِبِ. فَيَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةٌ. وَإِنْ كَانَ لِانْخِفَاضِهِمَا مَعًا عَلَى السَّوَاءِ: فَالنَّقْصُ عَلَيْهِمَا. لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعَةٌ. هَذَا الصَّحِيحُ. قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ. وَقِيلَ: يُحْمَلُ النَّقْصُ عَلَى الصَّبْغِ فِي كُلِّ حَالٍ. وَهُوَ قَوْلُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا قَلْعَ الصَّبْغِ: لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: يُجْبَرُ وَيَضْمَنُ النَّقْصَ، سَوَاءٌ كَانَ الْغَاصِبُ أَوْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ. وَأَطْلَقَهُمَا الْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015