قُلْت: النَّاقِلُ عَنْ الْقَاضِي تِلْمِيذُهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. وَهُوَ أَعْلَمُ بِكَلَامِهِ مِنْ غَيْرِهِ. وَلِلْقَاضِي فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ الْقَوْلَانِ وَالثَّلَاثَةُ. وَكُتُبُهُ كَثِيرَةٌ.

الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٍ: أَنَّهُ إذَا أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِنْ ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ بِهَا: أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيَبْرَأُ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ لَمَّا ذَكَرَ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا كَلَامُهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِي ذَلِكَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: الْخِلَافُ فِي صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ. وَفِيهِ وَجْهَانِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ غَصَبَ حَبًّا فَزَرَعَهُ، أَوْ بَيْضًا فَصَارَ فِرَاخًا، أَوْ نَوًى فَصَارَ غِرَاسًا) . قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: أَوْ غُصْنًا فَصَارَ شَجَرَةً: رَدَّهُ. وَلَا شَيْءَ لَهُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا مِثْلُ الَّذِي قَبْلَهَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَمْلِكَهُ الْغَاصِبُ. فَعَلَى هَذَا: يَتَخَرَّجُ لَنَا: أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. انْتَهَى وَذَلِكَ: لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ تَغْيِيرِ الْعَيْنِ وَتَبَدُّلِ اسْمِهَا.

فَائِدَةٌ: ذَكَرَ فِي الْكَافِي مِنْ صُوَرِ الِاسْتِحَالَةِ: الزَّرْعُ يَصِيرُ حَبًّا. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الزَّرْعَ إنْ كَانَ قَدْ سَنْبَلَ حَالَةَ الْغَصْبِ: فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ يَصِيرَانِ تَمْرًا وَزَبِيبًا وَلَيْسَا مِنْ الْمُسْتَحِيلِ بِالِاتِّفَاقِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَنْبَلَ: فَهُوَ فِي مَعْنَى إثْمَارِ الشَّجَرِ. فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَوَلِّدِ، لَا الْمُسْتَحِيلِ لِوُجُودِ الذَّاتِ عَيْنًا. انْتَهَى. قَوْلُهُ (وَإِنْ نَقَصَ: لَزِمَهُ ضَمَانُ نَقْصِهِ بِقِيمَتِهِ، رَقِيقًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015