وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: هَلْ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أُجْرَةُ مُدَّةِ اصْطِيَادِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ. قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ. وَقَالَ: هُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَلَا أُجْرَةَ لِرَبِّهِ مُدَّةَ اصْطِيَادِهِ فِي الْأَظْهَرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ. وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ فِي صَيْدِ الْعَبْدِ، عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا. وَأَمَّا سَهْمُ الْفَرَسِ الْمَغْصُوبَةِ: فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا فِي بَابِ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ فِي قَوْلِهِ " وَمَنْ غَصَبَ فَرَسًا فَقَاتَلَ عَلَيْهِ، فَسَهْمُهُ لِمَالِكِهِ " وَذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِيهِ هُنَاكَ. فَأَمَّا إذَا غَصَبَ شَبَكَةً، أَوْ شَرَكًا فَصَادَ بِهِ. فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّهُ لِمَالِكِهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ لِلْغَاصِبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ صَيْدَ الْكَلْبِ، وَالْقَوْسِ وَقِيلَ: وَكَذَا أُحْبُولَةٌ. وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ. قَالُوا: عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ: رِبْحُ الدَّرَاهِمِ لِمَالِكِهَا.
فَائِدَةٌ: صَيْدُ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ وَسَائِرُ أَكْسَابِهِ: لِلسَّيِّدِ. بِلَا نِزَاعٍ. وَفِي لُزُومِ أُجْرَتِهِ مُدَّةَ اصْطِيَادِهِ وَعَمَلِهِ: الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ فِي الْجَارِحَةِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَا تَدْخُلُ أُجْرَتُهُ تَحْتَهُ، إذَا قُلْنَا بِضَمَانِ الْمَنَافِعِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَقَصَرَهُ، أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ، أَوْ فِضَّةً،