وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: لَفْظُ " الْعَارِيَّةِ " فِي الْأَثْمَانِ قَرْضٌ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَإِنْ اسْتَعَارَهُمَا لِلنَّفَقَةِ: فَقَرْضٌ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ. وَنَقَلَ صَالِحٌ: مِنْحَةُ لَبَنٍ: هُوَ الْعَارِيَّةُ. وَمِنْحَةُ وَرِقٍ: هُوَ الْقَرْضُ. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ خِلَافًا فِي صِحَّةِ إعَارَةِ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لِلتَّجَمُّلِ وَالزِّينَةِ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِمَا: يَصِحُّ إعَارَةُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِلْوَزْنِ وَالتَّزْيِينِ. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: لِتَزْيِينِ امْرَأَةٍ، أَوْ مَكَان. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلَاثِينَ: لَوْ أَعَارَهُ شَيْئًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ الْعِوَضَ. فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ. وَيَكُونُ كِنَايَةً عَنْ الْقَرْضِ. فَيَمْلِكُ بِالْقَبْضِ إذَا كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا. ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ، فِي مَوْضِعٍ: يَصِحُّ عِنْدَنَا شَرْطُ الْعِوَضِ فِي الْعَارِيَّةِ. انْتَهَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَفْسُدُ بِذَلِكَ. وَجَعَلَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْمَذْهَبَ لِأَنَّ الْعِوَضَ يُخْرِجُهَا عَنْ مَوْضُوعِهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِلدَّفْنِ: لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يَبْلَى الْمَيِّتُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: حَتَّى يَبْلَى وَيَصِيرَ رَمِيمًا. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُخْرِجُ عِظَامَهُ، وَيَأْخُذُ أَرْضَهُ.