قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: فِي اسْتِقْرَارِهِ بِالْفَسْخِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. قُلْت: الْأَوْلَى الِاسْتِقْرَارُ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَوْ فَسَخَ الْمَالِكُ الْمُضَارَبَةَ، وَالْمَالُ عَرْضٌ: انْفَسَخَتْ. وَلِلْمُضَارِبِ بَيْعُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِرِبْحِهِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، فِي بَابِ الشَّرِكَةِ: أَنَّ الْمُضَارِبَ لَا يَنْعَزِلُ مَا دَامَ عَرْضًا. بَلْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ حَتَّى يَنِضَّ رَأْسُ الْمَالِ. وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ عَزْلُهُ، وَأَنَّ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. وَذَكَرَ فِي الْمُضَارَبَةِ: أَنَّ الْمُضَارِبَ يَنْعَزِلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشِّرَاءِ، دُونَ الْبَيْعِ. وَحَمَلَ صَاحِبُ الْمُغْنِي مُطْلَقَ كَلَامِهِمَا فِي الشَّرِكَةِ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ. وَلَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ، فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ حَتَّى يَنِضَّ رَأْسُ الْمَالِ، مُرَاعَاةً لِحَقِّ مَالِكِهِ. وَقَالَ فِي بَابِ الْجِعَالَةِ: الْمُضَارَبَةُ كَالْجِعَالَةِ. لَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ فَسْخَهَا بَعْدَ تَلَبُّسِ الْعَامِلِ بِالْعَمَلِ. وَأَطْلَقَ ذَلِكَ. وَقَالَ فِي مُفْرَدَاتِهِ: إنَّمَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ الْفَسْخَ بَعْدَ أَنْ يَنِضَّ رَأْسُ الْمَالِ، وَيَعْلَمَ رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ الْفَسْخَ. قَالَ: وَهُوَ الْأَلْيَقُ بِمَذْهَبِنَا. وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَاتِ الْفَسْخُ مَعَ كَتْمِ شَرِيكِهِ.