فَلَوْ أَحَالَ مَنْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ دِمَشْقِيَّةٌ بِدَرَاهِمَ عُثْمَانِيَّةٍ: لَمْ تَصِحَّ. قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَلِكَ لَا تَصِحُّ عِنْدَ مَنْ أَلْحَقَهَا بِالْمُعَاوَضَةِ. إذْ اشْتِرَاطُ التَّفَاوُتِ فِيهِمَا مُمْتَنِعٌ كَالْقَرْضِ. وَأَمَّا مَنْ أَلْحَقَهَا بِالِاسْتِيفَاءِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ تَفَاوُتًا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ عِنْدَ بَذْلِهِ، كَالْجَيِّدِ عَنْ الرَّدِيءِ: صَحَّتْ. وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَالثَّالِثُ: أَنْ يُحِيلَ بِرِضَاهُ. وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَا رِضَى الْمُحْتَالِ، إذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَلِيئًا) . لَا يُعْتَبَرُ رِضَى الْمُحْتَالِ إذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَلِيئًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ. ذَكَرَهَا ابْنُ هُبَيْرَةَ وَمَنْ بَعْدَهُ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: فَسَّرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمَلِيءَ، فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَكُونَ مَلِيئًا بِمَالِهِ وَقَوْلِهِ وَبَدَنِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ: أَوْ فِعْلِهِ. وَزَادَ فِي الْكُبْرَى عَلَيْهِمَا: وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَدَاءِ. وَقِيلَ: هُوَ الْمَلِيءُ بِالْقَوْلِ وَالْأَمَانَةِ، وَإِمْكَانِ الْأَدَاءِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ تَفْسِيرِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَلِيءَ بِالْمَالِ: أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْوَفَاءِ، وَالْقَوْلِ: أَنْ لَا يَكُونَ مُمَاطِلًا. وَالْبَدَنِ: أَنْ يُمْكِنَ حُضُورُهُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ.
الثَّانِيَةُ: يَبْرَأُ الْمُحِيلُ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ. وَلَوْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، أَوْ جَحَدَ، أَوْ مَاتَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ.