قَالَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ رَجَبٍ: مَحَلُّ هَذَا: إذَا لَمْ يَكُنْ عَيَّنَ لَهُ وَقْتًا لِلْوَفَاءِ. فَأَمَّا إنْ عَيَّنَ لَهُ وَقْتًا لِلْوَفَاءِ كَيَوْمِ كَذَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ تَأْخِيرُهُ. لِأَنَّ تَعَيُّنَ الْوَفَاءِ فِيهِ كَالْمُطَالَبَةِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ جَوَازِ التَّأْخِيرِ: إذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ عَالِمًا بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ فِي ذِمَّتِهِ الدَّيْنَ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمْ فَيَجِبُ إعْلَامُهُ. انْتَهَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ. قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي فِي قَسْمِ الزَّوْجَاتِ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ. ذَكَرَاهُ مَحَلَّ وِفَاقٍ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ بَذَلَ الْمُقْتَرِضُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي بَلَدٍ آخَرَ. فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ لِحَمْلِهِ عَلَى الْمُقْرِضِ مُؤْنَةٌ، أَوْ لَا. فَإِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ: لَمْ يَلْزَمْ الْمُقْرِضَ أَخْذُهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَلَدُ وَالطَّرِيقُ آمِنَانِ. أَوْ لَا. فَإِنْ كَانَا آمِنَيْنِ: لَزِمَهُ أَخْذُهُ. بِلَا نِزَاعٍ. قُلْت: لَوْ قِيلَ: بِعَدَمِ اللُّزُومِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. لِأَنَّهُ قَدْ يَتَجَدَّدُ عَدَمُ الْأَمْنِ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ آمِنَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَخْذُهُ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ بَذَلَ الْغَاصِبُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ التَّالِفِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ بَذْلِ الْمُقْتَرِضِ لِلْمُقْرِضِ فِي بَلَدِهِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ تَالِفٍ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبْضِهِ مُطْلَقًا.