فَإِنَّهُ يُعْطِي مِمَّا لَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا. فَلَوْ أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً، فَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ: أَعْطَى قِيمَتَهَا ذَهَبًا. وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ. صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ، وَالْمُبْهِجِ. وَهُوَ وَاضِحٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَلَهُ الْقِيمَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ.
الثَّانِيَةُ: ذَكَرَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ هُنَا مَسَائِلَ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْقَرْضِ. فَأَحْبَبْت أَنْ أَذْكُرَهَا هُنَا لِعِظَمِ نَفْعِهَا، وَحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا. فَقَالَ:
وَالنَّقْدُ فِي الْمَبِيعِ حَيْثُ عُيِّنَا ... وَبَعْدَ ذَا كَسَادُهُ تَبَيَّنَا
نَحْوُ الْفُلُوسِ ثُمَّ لَا يُعَامَلُ ... بِهَا فَمِنْهُ عِنْدَنَا لَا يُقْبَلُ
بَلْ قِيمَةُ الْفُلُوسِ يَوْمَ الْعَقْدِ ... وَالْقَرْضُ أَيْضًا هَكَذَا فِي الرَّدِّ
وَمِثْلُهُ مَنْ رَامَ عَوْدَ الثَّمَنِ ... بِرَدِّهِ الْمَبِيعَ خُذْ بِالْأَحْسَنِ
قَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ ذَا فِي ذِي الصُّوَرْ ... وَالنَّصُّ فِي الْقَرْضِ عِيَانًا قَدْ ظَهَرْ
وَالنَّصُّ فِي الْقِيمَةِ فِي بُطْلَانِهَا ... لَا فِي ازْدِيَادِ الْقَدْرِ أَوْ نُقْصَانِهَا
بَلْ إنْ غَلَتْ فَالْمِثْلُ فِيهَا أَحْرَى ... كَدَانَقٍ عِشْرِينَ صَارَ عَشْرَا
وَالشَّيْخُ فِي زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصِ ... مِثْلًا كَقَرْضٍ فِي الْغَلَا وَالرُّخْصِ
وَشَيْخُ الْإِسْلَام فَتَى تَيْمِيَّةِ ... قَالَ قِيَاسُ الْقَرْضِ عَنْ جَلِيَّةِ
الطَّرْدُ فِي الدُّيُونِ كَالصَّدَاقِ ... وَعِوَضٌ فِي الْخُلْعِ وَالْإِعْتَاقِ
وَالْغَصْبُ وَالصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ ... وَنَحْوُ ذَا طُرًّا بِلَا اخْتِصَاصِ
قَالَ وَفِيهِ جَاءَ فِي الدَّيْنِ نَصٌّ مُطْلَقُ ... حَرَّرَهُ الْأَثْرَمُ إذْ يُحَقِّقُ
وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْكَسَادَ نَقْصَا ... فَذَاكَ نَقْصُ النَّوْعِ عَابَتْ رُخْصَا
قَالَ وَنَقْصُ النَّوْعِ لَيْسَ يُعْقَلُ ... فِيمَا سِوَى الْقِيمَةِ ذَا لَا يُجْهَلُ
وَخَرَّجَ الْقِيمَةَ فِي الْمِثْلِيِّ ... بِنَقْصِ نَوْعٍ لَيْسَ بِالْخَفِيِّ
وَاخْتَارَهُ وَقَالَ عَدْلٌ مَاضِي ... خَوْفَ انْتِظَارِ الْعُسْرِ بِالتَّقَاضِي
لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى ذِي الْمَسْأَلَهْ ... نَظَمْتهَا مَبْسُوطَةً مُطَوَّلَهْ