وَتَقَدَّمَ نَقْضُ عَهْدِهِ فِي ذُرِّيَّتِهِ فِي الْمُهَادَنَةِ. وَكَذَا مَنْ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ، أَوْ لَمْ يَغْزِلْهُمْ، أَوْ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ الْإِمَامَ وَنَحْوُهُ، فِي بَابِ الْهُدْنَةِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُ: خُيِّرَ الْإِمَامُ فِيهِ كَالْأَسِيرِ الْحَرْبِيِّ) فَيُخَيَّرُ فِيهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الْجِهَادِ. هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ الْأَشْهَرُ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ: هَذَا الْمَنْصُوصُ. قُلْت: هُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ. وَقِيلَ: مَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ بِغَيْرِ الْقِتَالِ أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ.
وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ قَتْلُ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قُلْت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ، وَابْنُ الْبَنَّا فِي الْخِصَالِ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرُ، وَالنَّظْمُ، وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ أَسْلَمَ. قَالَ الشَّارِحُ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، فِيمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ. وَذَكَرَ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَيْهِ. فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: مَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ: فِيمَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ، وَلَمْ يَلْحَقْ بِدَارِ الْحَرْبِ. فَأَمَّا إنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ: فَإِنَّهُ يَكُونُ كَالْأَسِيرِ الْحَرْبِيِّ قَوْلًا وَاحِدًا. جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ