قُلْت: إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ فَمُسْلِمٌ. وَإِنْ أَرَادَ: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ غَيْرَ الْأَصْلَحِ، وَلَهُ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ. فَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ تَرَدَّدَ رَأْيُ الْإِمَامِ وَنَظَرُهُ فِي ذَلِكَ فَالْقَتْلُ أَوْلَى. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ.
تَنْبِيهٌ:
هَذِهِ الْخِيَرَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِي الْأَحْرَارِ وَالْمُقَاتِلَةِ. أَمَّا الْعَبِيدُ وَالْإِمَاءُ: فَالْإِمَامُ يُخَيَّرُ بَيْنَ قَتْلِهِمْ إنْ رَأَى. أَوْ تَرْكِهِمْ غَنِيمَةً كَالْبَهَائِمِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ: فَيَصِيرُونَ أَرِقَّاءَ بِنَفْسِ السَّبْيِ. وَأَمَّا مَنْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ غَيْرَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ كَالشَّيْخِ الْفَانِي، وَالرَّاهِبِ، وَالزَّمِنِ، وَالْأَعْمَى فَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّارِحُ: لَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ. وَحَكَى ابْنُ مُنَجَّا عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُغْنِي: يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الشَّيْخِ، وَالزَّمِنِ. وَلَعَلَّهُ فِي الْمُغْنِي الْقَدِيمِ. وَحَكَى أَيْضًا عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ قَالُوا: كُلُّ مَنْ لَا يُقْتَلُ كَالْأَعْمَى، وَنَحْوِهِ يَرِقُّ بِنَفْسِ السَّبْيِ. وَأَمَّا الْمَجْدُ: فَجَعَلَ مَنْ فِيهِ نَفْعٌ مِنْ هَؤُلَاءِ: حُكْمُهُ حُكْمُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ. قُلْت: وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَسِيرُ الْقِنُّ غَنِيمَةٌ وَلَهُ قَتْلُهُ. وَمَنْ فِيهِ نَفْعٌ، وَلَا يُقْتَلُ كَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَأَعْمَى رَقِيقٌ بِالسَّبْيِ. وَفِي الْوَاضِحِ: مَنْ لَا يُقْتَلُ غَيْرَ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ يُخَيَّرُ فِيهِ بِغَيْرِ قَتْلٍ. وَقَالَ فِي الْبُلْغَةِ: الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ رَقِيقٌ بِالسَّبْيِ. وَغَيْرُهُمَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ وَرِقُّهُ. قَالَ: وَلَهُ فِي الْمَعْرَكَةِ قَتْلُ أَبِيهِ وَابْنِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَسْلَمُوا رَقُّوا فِي الْحَالِ) . يَعْنِي: إذَا أَسْلَمَ الْأَسِيرُ صَارَ رَقِيقًا فِي الْحَالِ. وَزَالَ التَّخْيِيرُ فِيهِ. وَصَارَ حُكْمُهُ