قَالَ: وَيَقْرَبُ مِنْ نَحْوِ هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ. فَإِنَّهُ حَكَى الْخِلَافَ فِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
تَنْبِيهٌ:
مَحَلُّ الْخِيرَةِ لِلْأَمِيرِ إذَا كَانَ الْأَسِيرُ حُرًّا مُقَاتِلًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَّهُ لَا يُسْتَرَقُّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لِمُسْلِمٍ، بِخِلَافِ وَلَدِهِ الْحَرْبِيِّ. لِبَقَاءِ نَسَبِهِ. قَالَ الشَّارِحُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ: لَا يُسْتَرَقُّ وَلَدُهُ أَيْضًا إذَا كَانَ عَلَيْهِ وَلَاءٌ كَذَلِكَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. وَقِيلَ: لَا يُسْتَرَقُّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لِذِمِّيٍّ أَيْضًا. وَجَزَمَ بِهِ وَبِاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي الْبُلْغَةِ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: وَفِي رِقِّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَجْهَانِ.
فَائِدَةٌ:
لَا يُبْطِلُ الِاسْتِرْقَاقُ حَقَّ مُسْلِمٍ. قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: لَا عَمَلَ لِسَبْيٍ إلَّا فِي مَالٍ. فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ قَوَدٍ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ. وَفِي سُقُوطِ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّتِهِ لِضَعْفِهَا بِرِقِّهِ كَذِمَّةِ مَرِيضٍ: احْتِمَالَانِ. وَقَالَ فِي الْبُلْغَةِ: يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ، إلَّا أَنْ يَغْنَمَ بَعْدَ إرْقَاقِهِ. فَيَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ. فَيَكُونُ رِقُّهُ كَمَوْتِهِ. وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ حُلُولُهُ بِرِقِّهِ. وَإِنْ أُسِرَ وَأُخِذَ مَالُهُ مَعًا فَالْكُلُّ لِلْغَانِمِينَ، وَالدَّيْنُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ. انْتَهَى. وَقِيلَ: إنْ زَنَى مُسْلِمٌ بِحَرْبِيَّةٍ وَأَحْبَلَهَا ثُمَّ سُبِيَتْ لَمْ تُسْتَرَقَّ لِحَمْلِهَا مِنْهُ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ إلَّا الْأَصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعُوا بِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْتَارَ الْأَصْلَحَ.