تَنْبِيهٌ: يَحْتَمِلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " وَمَا زَرَعَهُ الْآدَمِيُّ " اخْتِصَاصَهُ بِالزَّرْعِ دُونَ الشَّجَرِ فَيَكُونُ مَفْهُومُ كَلَامِهِ: تَحْرِيمَ قَطْعِ الشَّجَرِ الَّذِي أَنْبَتَهُ، وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ. كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّا. قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إطْلَاقِ الزَّرْعِ ذَلِكَ. انْتَهَى؛ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى إطْلَاقِهِ، فَيَعُمُّ الشَّجَرَ، كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ. قُلْت: وَهُوَ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَمَلُ بِالْعُمُومِ. حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى التَّخْصِيصِ. لَا سِيَّمَا إذَا وَافَقَ الصَّحِيحَ؛ وَلِأَنَّ " مَا " مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَلَكِنْ فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَا يُنْبِتُ الْآدَمِيُّونَ جِنْسَهُ. كَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَذَكَرَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ الشَّارِحُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يُبَاحُ إلَّا مَا اسْتَثْنَيَاهُ، فَلَا يُبَاحُ قَطْعُ الشَّوْكِ وَالْعَوْسَجِ وَمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ " وَشَجَرُ الْحَرَمِ وَنَبَاتُهُ مُحَرَّمٌ، إلَّا الْيَابِسَ، وَالْإِذْخِرَ، وَمَا زَرَعَهُ الْإِنْسَانُ، أَوْ غَرَسَهُ " فَظَاهِرُهُ: عَدَمُ الْجَوَازِ. قُلْت: ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ» ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَاخْتَارَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: جَوَازَ قَطْعِ ذَلِكَ. مِنْهُمْ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى؛ لِأَنَّهُ يُؤْذِي بِطَبْعِهِ. أَشْبَهَ السِّبَاعَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ.
قَوْلُهُ (وَفِي جَوَازِ الرَّعْيِ وَجْهَانِ) . أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ حَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ، كَالْمُصَنِّفِ، وَحَكَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ