قَوْلُهُ (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ السَّعْيِ إلَيْهِ لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ عَنْهُ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرَ مِنْ بَلَدِهِ، وَقَدْ أَجْزَأَ عَنْهُ، وَإِنْ عُوفِيَ) .

هَذَا الْمَذْهَبُ، بِلَا رَيْبٍ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعُوا بِهِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَلَكِنْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ: لَوْ اعْتَدَّتْ مِنْ رَفْعِ حَيْضِهَا بِسَنَةٍ: لَمْ تَبْطُلْ عِدَّتُهَا بِعَوْدِ حَيْضِهَا. قَالَ الْمَجْدُ: وَهِيَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا. يَعْنِي: إذَا اسْتَنَابَ الْعَاجِزُ ثُمَّ عُوفِيَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ عَلَى خِلَافٍ هُنَا لِلْخِلَافِ هُنَاكَ.

فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَوْ عُوفِيَ قَبْلَ فَرَاغِ النَّائِبِ: أَنَّهُ يُجْزِئُ أَيْضًا وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَصَحُّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: أَجْزَأَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْمُغْنِي، وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ. وَهُوَ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ. وَأَمَّا إذَا بَرِئَ قَبْلَ إحْرَامِ النَّائِبِ: فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ قَوْلًا وَاحِدًا.

الثَّانِيَةُ: أَلْحَقَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ بِالْعَاجِزِ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ: مَنْ كَانَ نِضْوَ الْخِلْقَةِ، لَا يَقْدِرُ عَلَى الثُّبُوتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ غَيْرِ مُحْتَمَلَةٍ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ ثَقِيلَةً لَا يَقْدِرُ مِثْلُهَا أَنْ يَرْكَبَ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الْقُدْرَةِ. قَوْلُهُ " لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ عَنْهُ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرَ " يَعْنِي: يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْقُدْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ " مِنْ بَلَدِهِ " هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015