بَدَنِيٌّ مَحْضٌ، وَلَا يَجُوزُ دَعْوَى أَنَّ الْمَالَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَحْصُلُ الْمَشْرُوطُ بِدُونِهِ، وَهُوَ الْمُصَحَّح لِلْمَشْرُوطِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَكِّيَّ يَلْزَمُهُ، وَلَا مَالَ لَهُ. انْتَهَى. وَيُشْتَرَطُ مِلْكُ الزَّادِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَنَازِلِ لَزِمَهُ حَمْلُهُ. وَإِنْ وَجَدَهُ فِي الْمَنَازِلِ لَمْ يَلْزَمْهُ حَمْلُهُ إنْ كَانَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ بِزِيَادَةٍ: فَفِيهِ طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: حُكْمُهُ حُكْمُ شِرَاءِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ إذَا عُدِمَ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَالْفُرُوعِ، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ هُنَا بَذْلُ الزِّيَادَةِ الَّتِي لَا تُجْحِفُ بِمَالِهِ وَإِنْ مَنَعْنَاهُ فِي شِرَاءِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَبَيْنَ هَذَا بِأَنَّ الْمَاءَ يَتَكَرَّرُ عَدَمُهُ، وَالْحَجُّ الْتَزَمَ فِيهِ الْمَشَاقَّ. فَكَذَا الزِّيَادَةُ فِي ثَمَنِهِ إنْ كَانَتْ لَا تُجْحِفُ بِمَالِهِ. لِئَلَّا يَفُوتَ. نَقَلَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا: الْقُدْرَةُ عَلَى وِعَاءِ الزَّادِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ. وَأَمَّا الرَّاحِلَةُ: فَيُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا مَعَ الْبُعْدِ، وَقَدْرُهُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَقَطْ، إلَّا مَعَ الْعَجْزِ، كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ، وَقَالَ فِي الْكَافِي: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ، وَأَمْكَنَهُ الْحَبْوُ لَمْ يَلْزَمْهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُرَادُ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ فِي الرَّاحِلَةِ (صَالِحَةٌ لِمِثْلِهِ) . يَعْنِي: فِي الْعَادَةِ؛ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الرَّاحِلَةِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْمَشْيِ؛ لِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ بَعْضُهُمْ؛ لِظَاهِرِ النَّصِّ، وَاعْتَبَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ إمْكَانَ الرُّكُوبِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ " رَاحِلَةٌ تَصْلُحُ لِمِثْلِهِ " تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ عَنْ الرَّاحِلَةِ " تَصْلُحُ لِمِثْلِهِ " أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الزَّادِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الزَّادِ يَلْزَمُهُ؛ لِظَاهِرِ