وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ تَبَرَّعَ بِصَوْمِهِ عَمَّنْ لَا يُطِيقُهُ لِكِبَرٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ عَنْ مَيِّتٍ وَهُمَا مُعْسِرَانِ يَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمُمَاثَلَةِ مِنْ الْمَالِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ مَاتَ، بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ، فَهَلْ يُطْعَمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ، أَوْ اثْنَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) ، وَحَكَاهُمَا فِي الْفَائِقِ رِوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَوَجْهَانِ، وَقِيلَ: رِوَايَتَانِ أَحَدُهُمَا: يُطْعَمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ فَقَطْ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَمَالَ إلَيْهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْكَافِي، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْخِرَقِيِّ. وَالْقَاضِي، وَالشِّيرَازِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُطْعَمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينَانِ؛ لِاجْتِمَاعِ التَّأْخِيرِ وَالْمَوْتِ بَعْدَ التَّفْرِيطِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يَقْضِي مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا بِلَا عُذْرٍ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ، وَقَالَ: لَا تَصِحُّ عَنْهُ، وَقَالَ: لَيْسَ فِي الْأَدِلَّةِ مَا يُخَالِفُ هَذَا، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: الْإِطْعَامُ يَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، أَوْصَى بِهِ أَوْ لَمْ يُوصِ.

الثَّانِيَةُ: لَا يُجْزِئُ صَوْمُ كَفَّارَةٍ عَنْ مَيِّتٍ، وَإِنْ أَوْصَى بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَقُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِحَالَةِ الْوُجُوبِ أُطْعِمَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ مَسَاكِينَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرٍ مِنْ كَفَّارَةٍ: أُطْعِمَ عَنْهُ أَيْضًا، نَصَّ عَلَيْهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015