ولو كان الأمر كما زعمتم لوجب أن يحكم لنام بالاسمية؛ لدخول الباء عليه، وإذا لم يجز أن يحكم به بالاسمية لتقدير الحكاية فكذلك ههنا لا يجوز أن يحكم لنعم وبئس بالاسمية لدخول حرف الجر عليهما لتقدير الحكاية، والتقدير في قولك:
[50]
ألست بنعم الجار يؤلف بيته
ألست بجارٍ مقولٍ فيه نعم الجار، وكذلك التقدير في قول بعض العرب "نعم السير على بئس العير" "نعم السير على عَيْرٍ مقول فيه بئس العير" وكذلك التقدير في قول الآخر "والله ما هي بنعم المولودة" والله ما هي بمولودة مقول فيها نعم المولودة، وكذلك أيضًا التقدير في البيت الذي ذكرناه "والله ما ليلي بليل مقول فيه نام صاحبه" إلا أنهم حذفوا منها الموصوف وأقاموا الصفة مُقَامة. كقوله تعالى: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: 11] أي دُرُوعًا سابغات، وكقوله تعالى: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] أي المِلَّة القيمة؛ فصار التقدير فيها ألست بمقول فيها نعم الجار، ونعم السير على مقول فيه بئس العير، وما هي بمقول فيها نعم المولودة، وما ليلى بمقول فيه نام صاحبه، ثم حذفوا الصفة التي هي "مقول" وأقاموا المحكيَّ بها مُقَامَهَا، لأن القول يحذف كثيرًا كما يذكر كثيرًا، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] أي