على الجنس. وقد قالوا "ما قعد إلا المرأة، وما قام إلا الجارية" فحذفوا تاء التأنيث ألبتة، ولم تأتِ مثبتة إلا في ضرورة.
فإن قالوا: إنما حذفت تاء التأنيث ههنا تنبيهًا على المعنى؛ لأن التقدير: ما قعد أحد إلا المرأة، وما قام أحد إلا الجارية.
قلنا: هذا مُسَلَّم، ولكن اللفظ يدل على أن المرأة والجارية غير بدل من أحد، وإن كان المعنى يدل على أنهما بدل، كما أن اللفظ يدل على أن "شَحْمًا" في قولك "تَفَقّأ الكبشُ شحمًا" غير فاعل، وإن كان المعنى يدل على أنه فاعل، فكما أنهم حذفوا تاء التأنيث من قولهم "ما قعد إلا المرأة" تنبيهًا على المعنى فكذلك حذفوها من قولهم "نعم المرأة" تنبيهًا على أن الاسم يراد به الجنس.
ومنهم من تمسك بأن قال: الدليل على أنهما فعلان ماضيان أنهما مبنيان على الفتح، ولو كانا اسمين لما كان لبنائهما وجه؛ إذ لا علة ههنا توجب بناءهما. وهذا تمسّكٌ باسْتِصْحَاب الحال، وهو من أضعف الأدلة، والمعتمد عليه ما قدمناه.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم "الدليل على أنهما اسمان دخول حرف الجر عليهما في قوله:
ألست بنعم الجارُ يُؤْلَفُ بيتَهُ
وقول بعض العرب: نعم السير على بئس العير، وقول الآخر: والله ما هي بنعم المولودة" فنقول: دخول حرف الجر عليهما ليس لهم فيه حجة؛ لأن الحكاية فيه مقدَّرة، وحرف الجر يدخل مع تقدير الحكاية على ما لا شُبْهَة في فعليته، قال الراجز:
[64]
والله ما ليلي بنامَ صاحِبُهْ ... ولا مخالط اللّيانِ جانِبُهْ