فأما من ذهب إلى أنها إذا كانت مرفوعة ففيها نقل بلا قلب، وإذا كانت منصوبة ففيها قلب بلا نقل، وإذا كانت مجرورة ففيها نقل وقلب؛ فقال: لأن الأصل في قولك هذا أبوه "هذا أبَوُهُ" فاستثقلت الضمة على الواو، فنقلت إلى ما قبلها1، وبقيت الواو على حالها، فكان فيه نقل بلا قلب، والأصل في قولك رأيت أباه "رأيت أبَوَهُ" فتحركت الواو وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفًا؛ فكان فيه قلب بلا نقل، والأصل في قولك مررت بأبيك "مررت بِأَبَوِك" فاستثقلت الكسرة على الواو، فنقلت إلى ما قبلها2، فقلبت الواو ياء لسكونها3 وانكسار ما قبلها، فكان فيه نقل وقلب.

وأما مَنْ ذهب إلى أن الباء حرف الإعراب، وإنما الواو والألف والياء نشأت عن إشباع الحركات؛ فقال: لأن الباء تختلف عليها الحركات في حالة الرفع والنصب والجر كما تختلف حركات الإعراب على سائر حروف الإعراب؛ فدلّ على أن الباء حرف الإعراب، وأن هذه الحركات -التي هي الضمة والفتحة والكسرة- حركات إعراب، وإنما أشبعت فنشأت عنها هذه الحروف -التي هي الواو والألف والياء- فالواو عن إشباع الضمة، والألف عن إشباع الفتحة، والياء عن إشباع الكسرة، وقد جاء ذلك كثيرًا في استعمالهم، قال الشاعر في إشباع الضمة:

[6]

الله يعلم أنَّا في تَلَفُّتِنَا ... يوم الفِرَاقِ إلى إخواننا صُوَرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015