قلت: لا يبعد أن يُحمَل الاستحبابُ في قولِ القُدوري على استحبابه في نفسِهِ، والسُّنيَّة في قولِ صاحب "الهدايةِ" على الاعتكاف في العشر الأواخر بمقْتضى دليله، فلم يَبْق إلَّا قولٌ واحد، وهو الأصح.
المقام الثاني:
هل هو سُنَّةٌ مؤكَّدة أو غيرُ مؤكَّدة؟ وعرفتَ من المرغيناني والعيني والزَّيْلعي تصحيح أنَّه سُنَّةٌ مؤكَّدة، واسْتَدلُّوا عليه بأَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد واظَبَ عليه (1). رواه الشيخان. Q= بـ "إفاضة الأنوار"، و"تعليقات على صحيح البخاري"، وغير ذلك، توفي في شوال سنة ثمان وثمانين بعد الألف بدمشق، وعمره ثلاث وستون سنة.
(1) قوله (قد واظَبَ عليه): قال الحافظ في "الفتح،: "أورد المصنفُ ثلاثةَ أحاديث: أحدها: حديث ابن عمر: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان"، وأخرجه مسلم من هذا الوجه، وزاد: "قال نافع: وقد أراني عبد الله بن عمر المكانَ الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكفُ فيه من المسجد، (?)، وزادَ ابنُ ماجه من وجهٍ آخر: عن نافع عن ابن عمرَ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اعتكفَ، طُرِح له فراشه أو يوضع له سريره وراءَ أُسطوانة التوبة (?).
ثانيهما: حديث عائشة مثل حديث ابن عمر، وزاد: "حتى توفَّاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده" (?)، فيُؤْخَذُ من الأول: اشتراط المسجد له، ومن الثاني: أنه لم يُنْسخ، وليس من الخصائص" (?). انتهى بقدر الحاجة. =