كتابهم وأراد أن يؤمر عليهم أشار أبو بكر بعثمان بن أبي العاص وكان أحدثهم سنًا، فقال الصديق: يا رسول الله، إني رأيت هذا الغلام من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن. (?) فقد كان عثمان بن أبي العاص كلما نام قومه بالهاجرة، عمد إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسأله في الدين واستقرأه القرآن حتى فقه في الدين وعلم، وكان إذا وجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نائمًا عمد إلى أبي بكر، وكان يكتم ذلك عن أصحابه، فأعجب ذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعجب منه وأحبه (?).
وعندما علم الصديق بصاحب السهم الذي أصاب ابنه كانت له مقولة تدل على عظمة إيمانه، فعن القاسم بن محمد قال: رمي عبد الله بن أبي بكر -رضي الله عنهما- بسهم يوم الطائف، فانتفضت به بعد وفاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأربعين ليلة، فمات، فقدم عليه وفد ثقيف ولم يزل ذلك السهم عنده، فأخرجه إليهم فقال: هل يعرف هذا السهم منكم أحد؟ فقال سعيد ابن عبيد، أخو بني عجلان: هذا سهم أنا بَرَيتُه ورشته (?) وعقبته (?)، وأنا رميت به، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: فإن هذا السهم الذي قتل عبد الله بن أبي بكر، فالحمد لله الذي أكرمه بيدك، ولم يهنك بيده فإنه أوسع لكما (?).
أ- في تبوك: خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجيش عظيم في غزوة تبوك بلغ عدده ثلاثين ألفًا، وكان يريد قتال الروم بالشام، وعندما تجمع المسلمون عند ثنية الوداع بقيادة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، اختار الأمراء والقادة وعقد الألوية والرايات لهم، فأعطى لواءه الأعظم إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -. (?) وفي هذه الغزوات ظهرت بعض المواقف للصديق منها: