المسلمين الصادقين باليمامة بصفة عامة، وفي بني حنيفة قوم مسيلمة بصفة خاصة ولم يتعرض كثير من الكتاب المحدثين لذكر المسلمين الذين تمسكوا بإسلامهم في فتنة مسيلمة ووقفوا في وجهه، وساندوا جيوش الخلافة للقضاء على فتنته. وقد وجدت (?) روايات معتبرة تلقي الضوء على هذه الحقيقة التي غابت عن الكثيرين (?).

يذكر ابن أعثم أن ممن ثبت على الإسلام في اليمامة ثمامة بن أثال (?) الذي كان من مشاهير بني حنيفة، ولذا اجتمعت إليه عندما علموا بمسير خالد إليهم؛ لأنه كان واحدًا من أكابرهم، وكان ذا عقل وفهم ورأي، وكان مخالفًا لمسيلمة على ما هو عليه من الردة، وكان مما قاله لمن تابع مسيلمة: « ... ويحكم يا بني حنيفة، اسمعوا قولي تهتدوا وأطيعوا أمري ترشدوا، واعلموا أن محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان نبيًا مرسلاً لا شك في نبوته، ومسيلمة رجل كذاب لا تغتروا بكلامه وكذبه، فإنكم قد سمعتم القرآن الذي أتى به محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وآلى عن ربه إذ يقول: {حم - تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ - غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [غافر: 1 - 3] فأين هذا الكلام من كلام مسيلمة الكذاب؟ فانظروا في أموركم ولا يذهبن هذا عنكم، ألا وإني خارج إلى خالد بن الوليد في ليلتي هذه طالبًا منه الأمان على نفسي ومالي وأهلي وولدي، وكان جواب من هدي إليه من قومه: «نحن معك يا أبا عامر، فكن من ذلك على علم». ثم خرج ثمامة بن أثال في جوف الليل في نفر من بني حنيفة حتى لحق بخالد بن الوليد، واستأذن إليه فأمنه وأمن أصحابه. (?) وجاء في رواية الكلاعي قوله لهم: بأن لا نبي مع محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا بعده، وتذكر طرفًا من قرآن مسيلمة للتدليل على سخفه. (?) وتروى شعرا ينسب إلى ثمامة منه قوله:

مسيلمة ارجع ولا تمحك ... فإنك في الأمر لم تشرك

كذبت على الله في وحيه ... فكان هواك هوى الأنوك (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015