طبيعة «الإسلام» ذاته، ودوره في هذه الأرض، وأهدافه العليا التي قررها الله وذكر الله أنه أرسل من أجلها هذا الرسول بهذه الرسالة، وجعله خاتم النبيين وجعلها خاتمة الرسالات ..
إن هذا الدين إعلان عام لتحرير «الإنسان» في «الأرض» من العبودية للعباد - ومن العبودية لهواه أيضا وهي من العبودية للعباد - وذلك بإعلان ألوهية الله وحده - سبحانه - وربوبيته للعالمين .. إن إعلان ربوبية الله وحده للعالمين معناها: الثورة الشاملة على حاكمية البشر في كل صورها وأشكالها وأنظمتها وأوضاعها والتمرد الكامل على كل وضع في أرجاء الأرض الحكم فيه للبشر بصورة من الصور .. أو بتعبير آخر مرادف:
الألوهية فيه للبشر في صورة من الصور .. ذلك أن الحكم الذي مرد الأمر فيه إلى البشر، ومصدر السلطات فيه هم البشر، هو تأليه للبشر، يجعل بعضهم لبعض أربابا من دون الله .. إن هذا الإعلان معناه انتزاع سلطان الله المغتصب ورده إلى الله وطرد المغتصبين له الذين يحكمون الناس بشرائع من عند أنفسهم فيقومون منهم مقام الأرباب ويقوم الناس منهم مقام العبيد .. إن معناه تحطيم مملكة البشر لإقامة مملكة الله في الأرض ..
أو بالتعبير القرآني الكريم: «وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ» ..
«إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ .. ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ .. » ..
«قُلْ: يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ: أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً، وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا: اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ».
ومملكة الله في الأرض لا تقوم بأن يتولى الحاكمية في الأرض رجال بأعيانهم - هم رجال الدين كما كان الأمر في سلطان الكنيسة، ولا رجال ينطقون باسم الآلهة، كما كان الحال في ما يعرف باسم «الثيوقراطية» أو الحكم الإلهي المقدس!!! - ولكنها تقوم بأن تكون شريعة الله هي الحاكمة وأن يكون مرد الأمر إلى الله وفق ما قرره من شريعة مبينة.
وقيام مملكة الله في الأرض، وإزالة مملكة البشر. وانتزاع السلطان من أيدي مغتصبيه من العباد ورده إلى الله وحده. وسيادة الشريعة الإلهية وحدها وإلغاء القوانين البشرية .. كل أولئك لا يتم بمجرد التبليغ والبيان.