المؤمن بحقيقة التوحيد هو القلب الذي يقطع الرحلة على هذه الأرض على هدى، لأن بصره أبدا معلق بنجم واحد على الأفق فلا يلتوي به الطريق.

ولأنه يعرف مصدرا واحدا للحياة والقوة والرزق، ومصدرا واحدا للنفع والضر، ومصدرا واحدا للمنح والمنع، فتستقيم خطاه إلى هذا المصدر الواحد، يستمد منه وحده، ويعلق يديه بحبل واحد يشد عروته. ويطمئن اتجاهه إلى هدف واحد لا يزوغ عنه بصره. ويخدم سيدا واحدا يعرف ماذا يرضيه فيفعله وماذا يغضبه فيتقيه .. وبذلك تتجمع طاقته وتتوحد، فينتج بكل طاقته وجهده وهو ثابت القدمين على الأرض متطلع إلى إله واحد في السماء .. (?)

إنَّ الإسلام هو منهج الحياة الوحيد، الذي يتحرر فيه البشر من عبودية البشر. لأنهم يتلقون التصورات والمبادئ، والموازين والقيم، والشرائع والقوانين، والأوضاع والتقاليد، من يد الله - سبحانه - فإذا أحنوا رءوسهم فإنما يحنونها لله وحده، وإذا أطاعوا الشرائع فإنما يطيعون الله وحده، وإذا خضعوا للنظام فإنما يخضعون لله وحده. ومن ثم يتحررون حقا من عبودية العبيد للعبيد، حين يصبحون كلهم عبيدا لله بلا شريك. (?)

إن العبودية لله وحده هي العاصم من العبودية للهوى، والعاصم من العبودية للعباد .. وما يرتفع الإنسان إلى أعلى مقام مقدر له، إلا حين يعتصم من العبودية لهواه كما يعتصم من العبودية لسواه.

إن الذين يستنكفون أن يكونوا عبيدا لله وحده، يقعون من فورهم ضحايا لأحط العبوديات الأخرى.

يقعون من فورهم عبيدا لهواهم وشهواتهم ونزواتهم ودفعاتهم فيفقدون من فورهم إرادتهم الضابطة التي خص الله بها نوع «الإنسان» من بين سائر الأنواع وينحدرون في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015