الأرواح والأعراض، والقيم والأخلاق. وفوق الذل والقهر والدنس والعار! وليس هذا في نظام أرضي دون نظام، وإن اختلفت الأوضاع واختلفت ألوان التضحيات.

«ولقد حدث أن الذين فسقوا عن الدينونة لله وحده، فأتاحوا لنفر منهم أن يحكموهم بغير شريعته، قد وقعوا في النهاية في شقوة العبودية لغيره. العبودية التي تأكل إنسانيتهم وكرامتهم وحريتهم، مهما اختلفت أشكال الأنظمة التي تحكمهم، والتي ظنوا في بعضها أنها تكفل لهم الإنسانية والحرية والكرامة.

«لقد هربت أوربا من الله - في أثناء هروبها من الكنيسة الطاغية الباغية باسم الدين الزائف (?) - وثارت على الله - سبحانه - في أثناء ثورتها على تلك الكنيسة التي أهدرت كل القيم الإنسانية في عنفوان سطوتها الغاشمة! ثم ظن الناس أنهم يجدون إنسانيتهم وحريتهم وكرامتهم - ومصالحهم كذلك - في ظل الأنظمة الفردية (الديمقراطية) وعلقوا كل آمالهم على الحريات والضمانات التي تكفلها لهم الدساتير الوضعية، والأوضاع النيابية البرلمانية، والحريات الصحفية، والضمانات القضائية والتشريعية، وحكم الأغلبية المنتخبة ... إلى آخر هذه الهالات التي أحيطت بها تلك الأنظمة .. ثم ماذا كانت العاقبة؟ كانت العاقبة هي طغيان «الرأسمالية» ذلك الطغيان الذي أحال كل تلكالضمانات، وكل تلك التشكيلات، إلى مجرد لافتات، أو إلى مجرد خيالات! ووقعت الأكثرية الساحقة في عبودية ذليلة للأقلية الطاغية التي تملك رأس المال، فتملك معه الأغلبية البرلمانية! والدساتير الوضعية! والحريات الصحفية! وسائر الضمانات التي ظنها الناس هناك كفيلة بضمان إنسانيتهم وكرامتهم وحريتهم، في معزل عن الله سبحانه!!! «ثم هرب فريق من الناس هناك من الأنظمة الفردية التي يطغى فيها «رأس المال» و «الطبقة» إلى الأنظمة الجماعية! فماذا فعلوا؟ لقد استبدلوا بالدينونة لطبقة «الرأسماليين» الدينونة لطبقة «الصعاليك»! أو استبدلوا بالدينونة لأصحاب رؤوس الأموال والشركات الدينونة للدولة التي تملك المال إلى جانب السلطان! فتصبح أخطر من طبقة الرأسماليين! «وفي كل حالة، وفي كل وضع، وفي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015