إن تقدير هذه الحقيقة الكبيرة وتعليق أنظار البشر للّه وحده وتعليق قلوبهم برضاه وأعمالهم بتقواه ونظام حياتهم بإذنه وشرعه ومنهجه دون سواه .. إن هذا كله رصيد من الخير والكرامة والحرية والعدل والاستقامة يضاف إلى حساب البشرية في حياتها الأرضية وزاد من الخير والكرامة والحرية والعدل والاستقامة تستمتع به في الأرض .. في هذه الحياة .. فأما ما يجزي اللّه به المؤمنين المقرين بالعبودية العاملين للصالحات، في الآخرة، فهو كرم منه وفضل في حقيقة الأمر. وفيض من عطاء اللّه.
وفي هذا الضوء يجب أن ننظر إلى قضية الإيمان باللّه في الصورة الناصعة التي جاء بها الإسلام وقرر أنها قاعدة الرسالة كلها ودعوة الرسل جميعا قبل أن يحرفها الأتباع، وتشوهها الأجيال .. يجب أن ننظر إليها بوصفها ميلادا جديدا للإنسان تتوافر له معه الكرامة والحرية، والعدل والصلاح، والخروج من عبادة العباد إلى عبادة اللّه وحده في الشعائر وفي نظام الحياة سواء. والذين يستنكفون من العبودية للّه، يذلون لعبوديات في هذه الأرض لا تنتهي .. يذلون لعبودية الهوى والشهوة. أو عبودية الوهم والخرافة. ويذلون لعبودية البشر من أمثالهم، ويحنون لهم الجباه. ويحكمون في حياتهم وأنظمتهم وشرائعهم وقوانينهم وقيمهم وموازينهم عبيدا مثلهم من البشر هم وهم سواء أمام اللّه .. ولكنهم يتخذونهم آلهة لهم من دون اللّه .. هذا في الدنيا .. أما في الآخرة «فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً، وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً» ..
إنها القضية الكبرى في العقيدة السماوية تعرضها هذه الآية في هذا السياق في مواجهة انحراف أهل الكتاب من النصارى في ذلك الزمان. وفي مواجهة الانحرافات كلها إلى آخر الزمان .. (?)