كذلك ما يجمعونه من أموال الناس لمحاربة دين الحق وقد كان الرهبان والأساقفة والكرادلة والبابوات يجمعون مئات الملايين في الحروب الصليبية، وما يزالون يجمعونها للتبشير والاستشراق للصد عن سبيل اللّه.
ولا بد أن نلحظ الدقة القرآنية والعدل الإلهي في قول اللّه تعالى في ذلك.
«إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ .. ».للاحتراز من الحكم على القليل منها الذي لا يزاول هذه الخطيئة. ولا بد من أفراد في أية جماعة من الناس فيهم بقية خير .. ولا يظلم ربك أحدا ..
والكثير من الأحبار والرهبان يكنزون هذه الأموال التي يأكلونها بالباطل. وقد شهد تاريخ هؤلاء الناس أموالا ضخمة تنتهي إلى أيدي رجال الدين وتؤول إلى الكنائس والأديرة. وقد جاء عليهم زمان كانوا أكثر ثراء من الملوك المتسلطين والأباطرة الطغاة! والسياق القرآني يصور عذابهم في الآخرة بما كنزوا، وعذاب كل من يكنز الذهب والفضة ولا ينفقها في سبيل اللّه، في مشهد من المشاهد التصويرية الرائعة المروعة: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ، فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ، هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ» ..
إن رسم المشهد هكذا في تفصيل وعرض مشهد العملية منذ خطواتها الأولى إلى خطواتها الأخيرة، ليطيل المشهد في الخيال والحس .. وهي إطالة مقصودة: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ» .. ويسكت السياق: وتنتهي الآية على هذا الإجمال والإبهام في العذاب ..
ثم يأخذ في التفصيل بعد الإجمال: «يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ».
وينتظر السامع عملية الإحماء! ثم ها هي ذي حميت واحمرت. وها هي ذي معدة مهيأة. فليبدأ العذاب الأليم ... ها هي ذي الجباه تكوى ... لقد انتهت عملية الكي في الجباه، فليداروا على الجنوب ... ها هي ذي الجنوب تكوى ... لقد انتهت هذه فليداروا