وفي تلك السنة خرج سليمان بن عبد الملك بن بلال السليمي بولده وجماعة عياله وحرمه ومن خف معه من قومه. فركبوا البحر في بعض السفن حتى قدموا إلى هرمز، فتحصل بها وأقام هناك، إلى ان اتخذ بها دارا ومالا، وذلك بعد ان بلغه مجئ محمد بن بور إلى عمان بالعساكر وقتله لأهلها وما جرى فيها من المحن. ومن احل ذلك اقام بهرمز، واتخذها وطنا إلى ان مات.
ثم اقام بها المهدي بن سليمان، وكان اميرا بهرمز وعاملا عليها من جهة السبكري، صاخب مرو. ولم يزل بها اميرا إلى ان مات. فبقيت ولده بها إلى اليوم. ومنهم قد نقل بعد ذلك إلى عمان. منهم: بنو مسيار بن علي المهدي بن سليمان بن عبد الملك بن بلال. كان منهم بختيار بن مسيار بن علي بعمان، وله بها اولاد وذرية منهم: علي والمهدي ابنا بختيار بن مسيار بن علي ابن المهدي بن عبد الملك بن سليمان بن بلال.
ومن بني مالك بن فهم ايضا ثم من بني جهضم: يزيد بن جعفر الجهضمي. كان رأس بني مالك يوم قتل شهرك، قائد يزدجرد بن كسرى، وكان سبب ذلك إن عمر بن الخطاب، استعمل على عمان، عثمان ابن أبي العاص الثقفي، سنة خمس عشرة. فسار إلى عمان، فكان فيها، حتى كتب اليه عمر بعد وقعة جلولاء، حتى يقطع البحر إلى ابن كسرىبفارس.
فلما اتاه كتاب عمر ويأمره بذلك. قال: ابغوا لي رجلا اشاوره. قالوا: ابا صفرة. فدعاه. فقال: ما اسمك؟ قال: ظالم بن سراق. قال: اسمان من اسماء الجاهلية. فكره الاسمين فلم يشاوره.
وندب عثمان الناس، فانتدب اليه ثلاثة آلاف، ويقال الفان وستمائة من: الازد، وراسب، وناجية، وعبد القيس، واكثرهم من الازد. كان رأس شنوة: صبرة بن سليمان الحداني، ورأس بني مالك بن فهم: يزيد بن جعفر الجهضمي، ورأس عمران: أبو صفرة ومعه جماعة من ولده، والمغيرة وجثعم.
فعبر بهم عثمان بن أبي العاص من جرفار إلى جزيرة كاوان. وفيها قائد العجم. فسالم عثمان ولم يقاتله. فكتب يزدجرد إلى عظيم كرمان إن اقطع إلى جزيرة بني كاوان، فخل بين العرب الذين بها وبين اخوانهم. فقطع في ثلاثة آلاف أو اربعة من هرمز إلى رأس القسم. فلقيه عثمان بن أبي العاص في جزيرة القسم، واسمها جاش. فاعربوها، واقتتلوا قتالا شديدا، فقتل الله شهرك، وهزم المشركون، وكان قائدهم شهرك.
قال، وحدثنا ابن عائشة عن عبد الله بن الكوفي. قال: سألت ابا شيبان عمن قطع بالأزد من عمان. فقال إن شئت اخبرتك بالحق في امرهم، قال: كان رأس شنوة صبرة بن سليمان الحداني، ورأس عمران أبو صفرة، ظالم بن سراق، ورأس مالك بن يزيد بن جعفر الجهضمي، فعبروا من جرفار، فلما بلغ يزدجرد قطوع اهل عمان إلى شاطيْ فارس، وجه اليهم شهرك في اربعين الفا من الاساورة، وقد انتخبهم وقواهم، فالتقوا بشهرك، فاقتتلوا قتالا شديدا، وقتل شهرك، وانهزم المشركون، وكانت العرب تدعو شهرك ابن الحميرا، وكان الذي قتل شهرك جابر بن حديد اليحمدي، ويقال اشترك في قتل شهرك جماعة أبي صفرة، وناب بن ذي الحرة الحميري، وكان ناب فيما يزعمون انه هو الذي طعن شهرك فارداه. وفي ذلك يقول بعض الشعراء:
ناب بن ذي الحرة اردى شهركا ... والخيل تجتاب العجاج الارمكا
فلما ظفر اهل عمان بشهرك، وساروا حتى قدموا إلى ارض اهل العراق فنزلوا بوح. وذلك بعد افتتاح الكوفة والمدائن بيسير. يزعمون إن اهل البصرة كانوا قد حسدوهم منزلتهم. وكان قدومهم البصرة، حين امر عمر ابن الخطاب إن تبصر البصرة. وذلك إن عمر كتب إلى سعد بن أبي وقاص إن العرب لا تصلح الا بأرض تصلح بها الابل. فأتاه ابن نفيلة القبادي. فقال: ادلك على بقعة ارتفعت على البقية، وسفلت عن الفلاة. فدله على الكوفة.
وامر عمر إن يضرب بعد ذلك بموضع البصرة خططا لمن هناك من العرب، ويجعل كل قبيلة في محلة، وامرهم إن يبنوا لانفسهم المنازل.
وكان اول من قدم البصرة من اهل عمان، ثمانية عشر رجلا. وفد كعب بن سور من بني لقيط بن الحارث بن فهم، إلى عمر بن الخطاب، من بوح، فاستقضاه على البصرة.