قال أبو جعفر: وأوحى الله إلى نوح أنه لايُعيد الطوفان على الأرض أبداً. قال: وعاش نوح بعد الطوفان يعني بعد الألف سنة إلا خمسين عاما التي لبثها في قومه ثلاثمائة وخمسين سنة.
وأما ابن اسحاق فذكر عنه أنه قال: وعَمَّر نوحَ فيما يزعم أهل التوراة. بعد أن هبط من الفلك ثلاثمائة وأربعين سنة. وكان عمر نوح ألف سنة إلا خمسين عاما، ثم قبضه الله إليه.
وعن ابن عباس قال: ولما ضاقت بولد نوح سوق ثمانين تحوَّلوا إلى بابل فبَنَوْها وهي بين الصَرَاة والفُرات، وكانت اثنى عشر فَرْسَخاً في اثنى عشر فرسخا. وكان بابها موضع دُوران اليوم فوق جسر الكُوفَةِ، ثم رَبَلُوا فكثروا بها حتى بلغوا مائة ألف: وهم على الإسلام.
وروى عن علي بن مجاهد عن ابن اسحاق عن الزهري وعن محمد بن صالح عن الشعبي قال: لما أهْبَط آدمُ مِنَ الجنة، وانتشر ولده أرَّخَ بَنُوه مِن هُبوطِ آدم، وكان ذلك التاريخ حتى بَعَث الله نوحاَ فأرخوا مَبْعث نوح، حتى كان الغرق وهَلَك مِمَّن على وجه الأرض. فلما هبط نوحٌ وذُرّيَتُه. وكلَّ مَن كان في السفينة إلى الأرض قسم الأرض بين وَلَدِه أثْلاثاً. قال: زعم أهل التوراة أنه ما وُلد لنوحٍ ولدٌ إلا بعد الطُّوفان، وذكر غيرهم أن مولد سام بن نوح قبل الطوفان بثمان وتسعين سنة فجعل لسام وشطا من الأرض ففيها بيتُ المَقدِسَ والنيل والفُرات ودِجلة وسيحان وجَيْجَان وفيشْوُن وذلك ما بين قيشون إلى شرقي النِّيل وما بين مَنْخَر ريح الجنوب إلى منخر الشمال وجَعَل لحام قِسْمه غربي وما وراءه إلى مَنْخر ريح الدَّبُور وجعل قسْمَ يافث في فَيْشون وما وراءه إلى منخر ريح الصَّبَا فكان التاريخ من الطوفان إلى نار إبارهيم ومن نار إبراهيم إلى مبعث يوسف ومن مبعث يوسف إلى مبعث موسى ومن مبعث موسى إلى مُلْكِ سَلَيْمان ومن ملك سليمان إلى مَبْعث عيسى بن مَرْيم ومن مبعث عيسى بن مريم إلى مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جميع أنبياء الله ورسله. فهذا الذي ذَكَرْتُ عن الشعبي من التأريخ ينبغي أن يكون على تأريخ اليهود. فأما أهل الإسلام فإنهم لم يؤرخوا إلا من الهجرة، ولم يكونوا يؤرخون بشيئ غير ذلك، إلا أن قريشاً كانوا. فيما ذكر. يؤرخون قبل الإسلام بِعَامِ الفِيل. وكان سائِر العرب يؤرخون بأيّامِهم المذكورة كتابهم، كتأريخهم بيوم جَبَلَة وبالكلاب الثاني، وبالكلاب الأول. وكانت النصارى تؤرخ بَعهدّ الإِسكندر ذي القرنين، وأحسبهم على ذلك التأريخ إلى اليوم. وأما الفرس فإنهم كانوا يؤرخون بعهد يَزْدَجرْد بن شهَرْيار بن كِسْرى أبْروِيز بن هِزْمِز بن كِسْرَى أنُوشِرْوَان، لأنه كان آخر من كان مْلوكهم مَاَكَ بَبِل والمشرق.
ذكر وهْب بن مُنبِّة: أن نوحا عليه السلام دخل الفُلْك، وولده الثلاثة سام وحام ويافث، ونساؤهم، وأربعون رجلا، وأربعون امرأة، ولما خرجوا بَنَوْا قريةً بقْرِدَى فسَمَّوْها " سُوقَ ثمانين " وقرَّبَ قُرْبَاناً وصامَ شَهْر رَمَضَان، فهو أولّ من صام.
ابن قتيبة: وفي التوراة أنه وُلِدَ لنوح سام وحام ويافث بعد خمسمائة سنة من عمره. وأما المتخلف عنه الذي قال له) يَابُنَي أرْكَبْ مَعَنَا وَلاَتكُن مَعَ الكَافِرين (فهو يَام، ولم أرَ لَهُ في التَّوراةِ ذِكراً، والناس جميعا من هؤلاء الثلاثة.
عن هشام عن أبي صالح عن ابن عباس قال لنوح سام، وفي ولده بياض وادمه وحام، وفي ولده سَوَادٌ وَبَياضٌ قليل، ويافث، وفي ولده الشُّقْرَةُ والحُمْرة، وكنعان، وهو الذي غرق. والعرب تسميه يَام. وذلك قَوْلُ العَرَب: إنما هّام عَمُّنا يَام.
قال: وأم هؤلاء واحدة. وقيل إنه كان لنوح قَبْل الطوفان ابنان، هلكنا جميعا. كان أحدهما يُقِالُ له كنعان. قالوا: وهو الذي غرق في الطوفان والآخر يقال له عابر، مات قبل الطوفان. وليس لهما عَقِب، وإنما الذين هم اليوم في الدنيا من بني آدم كلهم من ولد سَام وحام ويافث بني نُوح دون سائِر ولد آدم. كما قال الله تعالى) وَجَعَلْنا ذَرَّيتَّهُ هُمُ البَاقِين (قبل سام وحام ويافث.