ومنهمعُويج ابن الضُّريس الشاعر. ومنهم أعور بني نبهان، واسمه حُريث بن عَنَاب، ويقال نعيم بن شريك وهو أحد من هجا جريرا الخطفي، ومما هجاه به وهو يقول:

ألست كُليبيًّا وأمك كلبة ... لها عند أطناب الكلاب هرير

وقلت لها أمي سليطا بأرضنا ... فبيس مناخ النازلين جرير

ومنهم كعب الأشرف اليهودي، الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، ومنهم كنف بن حكيم الشاعر، وإبنه إبراهيم بن كنف شاعر أيضا.

ومن جيد شعره:

تَعَزَّ فإن الصبر بالحُرّ أجمل ... وليس على ريب الزَّمان مُعوّل

وإن تُكن الأيام فينا تبدلت ... ببؤسٍ ونُعمى والحوادث تفعل

فما ليَّنت منا قناةٌ صليبة ... ولا ذلَّلتنا مالا يحملُ البعض تُجعل

ولكن رجلناها نفوسا كريمة ... تحمَّل مالا يحمل البعض يذلل

أما بنو ثُعل، ويقال: إن ثعل وثعاله اسم من أسماء الثعالب، والثَّعَل: سنٌّ زائدة في الأسنان، والثعل: خلف زائد لاصق بضرع الشاة، ويقال لها ثعلاء إذا كانت كذلك، وثُعل: موضع ومن ثُعل بن عمرو بن الغوث بن طيء. حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن قطن بن أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثُعل بن عمرو بن الغوث بن طيء وأخزم بن أبي أخزم جُدُّ حاتم طيء. وهو الذي يُضرب به الأمثال، فيقال: شِنشنة أ'رفهامن أخزم أي نُطفة شَنششنها أجزم. والحشرج الحسى الصافي الماء البارد. قال الشاعر:. شُرب النَّزيف ببرد ماء الحشرج.

والحشرجةُ: صوت يجيء من الصدر عند السعال أو المرض. وقد سارت الأمثال بسخائِة وجُده وكرمه، بحيث تكفى شُهرة ذلك عن تعداده. وكان قدر حاتم في قومه أنهم وضعوا عنه المغازي، وضربوا له بالسهام، وكان ينحر كل يوم جزورا وكان له قِدر نُحاس على الأثافي لا تزال أبدا. وكان إذا دخل رجب نادى في الأحياء، ونَحَر كل يوم وأطعم. ومن المحفوظ من جود حاتم أن بني جَدِيلة ما جَدُوه بالحيرة، فنحر مائة من الإبل أدماء، ووهب عشرة أفراس. واشترى كل لحم وخمر وطعام بسوق الحيرة في ذلك اليوم، وما جدوه جماعة من أهل اليسار بالجيزة فمجدهم في ذلك اليوم، وغلبهم، فأطعم الطعام وسقى الخمر في وسط الحيرة ومضى بذكر ذلك المقام.

وحاتم هو الذي خرج ممتاراً حتى أتى بلاد عنزة، فإذا أسيرٌ قد خَذَله قوُمه، وطال أسرُه، فلما رأى حاتما صاح به يا سيد العرب يا حاتم فُكَّ أسري. فقال حاتم: والله ما عندي فداك، ولكني ألطف لك ذلك. فأتى نادي القوم فقال: يا قوم، أطلقوا هذا الأسير وأعطيكم عهدا إلى أن آتيكم بفدائه: فقالوا: لانفعل إلا بفداء حاضر. قال: فأوثقوني مكانة، وينطلق فيأتي بفدائه. ففعلوا، فأعطى حاتم الرجل علامة إلى منزل حاتم ليقبض فداءه فمضى الرجل، ولبث حاتم وهم لا يعرفونه، وأصبح في غداةٍ باردةٍ، فأتته العالية العنزية ببعير فقالت له: أفصد لي هذا البعير فنحره، فصاحت المرأة، وقالت: أمرتك أن تفصده فنحرته!! فقال إنه هذا قصدي. قالت: ومن أنت؟ قال: أنا حاتم ثم قال: -

أنا المغيثُ حاتمُ بن سعد ... أعطى الجزيل مُوفيا

وشيمي البذل وصدُق الوعد ... واشترى الحمد بِفِعل

ورَّثني المجد نباتُ المَجَد ... إني وجدي حشرج ذُو

هلا سألت الوفد عني وجدَّي ... كيف طعاني بالقنا

وكيف ضربي بالحسام الفرد ... وكيف بذلي المال غير

وكيف تِضافي وكيف فصدى ... وكيف إعلافي وكيف

فلما عرفته العنزية - وكانت سيدة قومها - دعته إلى تزويجها فتزوجها، فولدت شبيب بن حاتم.

وحاتم هو الذي كان يخرج وهو صبيُّ بطعامه إلى الطريق، فإن وجد من معه أكل وإلا ردَّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015