عَن ذَلِك فمحبته لعَبْدِهِ تَمْكِينه من سعادته وعصمته وتوفيقه لطاعته وأفاضة رَحمته عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (ذكر وَفَاته عَلَيْهِ السَّلَام) قد تقدم إِن بَين الْهِجْرَة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة المحمدية ومولده عَلَيْهِ السَّلَام أَلفَيْنِ وَثَمَانمِائَة سنة وَثَلَاثًا وَتِسْعين سنة عل اخْتِيَار المؤرخين وَاخْتلف فيعمره فَقيل إِن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَاشَ مائَة وخمساً وَسبعين سنة وَهُوَ الَّذِي ذكره الْملك الْمُؤَيد صَاحب حماه فِي تَارِيخه وَقيل مائَة وخمساً وَتِسْعين وَقيل مِائَتي سنة وَنزل عَلَيْهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين مرّة قَالَ أهل السّير لما أَرَادَ الله عز وَجل قبض روح خَلِيله إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أرسل إِلَيْهِ ملك الْمَوْت فِي صُورَة رجل شيخ هرم قَالَ الثَّعْلَبِيّ قَالَ السّديّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيم كثير الْإِطْعَام يطعم النَّاس ويضيفهم فَبَيْنَمَا هُوَ يطعم النَّاس إِذا هُوَ بشيخ كَبِير يمشي فِي الْحرَّة فَبعث إِلَيْهِ رجلا بحماره وأركبه حَتَّى أَتَاهُ وأطعمه فَجعل الشَّيْخ يَأْخُذ اللُّقْمَة ليدخلها فَاه فيدخلها فِي عينه وَتارَة فِي أُذُنه ثمَّ يدخلهَا فَاه فَإِذا حصلت فِي جَوْفه خرجت من دبره - وَكَانَ إِبْرَاهِيم قد سَأَلَ ربه إِن لَا يقبض روحه حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يسْأَله الْمَوْت - فَلَمَّا رأى حَال الشَّيْخ قَالَ لَهُ يَا شيخ مَالك تصنع هَكَذَا؟ قَالَ يَا إِبْرَاهِيم من الْكبر فَقَالَ ابْن كم أَنْت يَا شيخ؟ قَالَ فَزَاد عل عمر إِبْرَاهِيم سنتَيْن فَقَالَ إِبْرَاهِيم أَنا بيني وَبَيْنك سنتَانِ فَإِذا بلغت ذَلِك سرت مثلك قَالَ نعم فَقَالَ إِبْرَاهِيم اللَّهُمَّ اقبضي إِلَيْك قبل ذَلِك فَقَامَ الشَّيْخ وَقبض روح إِبْرَاهِيم وَكَانَ ملك الْمَوْت صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِمَا وَحكي غير ذَلِك فَيكون بَين وَفَاة الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَالْهجْرَة النَّبَوِيَّة على القَوْل الأول فيعمره الَّذِي ذكره صَاحب حماه أَلفَانِ وَسَبْعمائة وَثَمَانِية عشر سنة ومض من الْهِجْرَة الشَّرِيفَة