فِي سنة نَيف وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة قَاضِي الْقُضَاة شيخ الشُّيُوخ تَاج الدّين سعد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن الديري الْعَبْسِي الْحَنَفِيّ وَتقدم ذكر وَالِده وجده ولد فِي ثَانِي عشر ربيع الأول سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بالقدس الشريف وَنَشَأ بِهِ وَحفظ الْقُرْآن وَسمع الحَدِيث واشتغل بِالْعلمِ على وَالِده وجده وَفضل وتميز وانتهت اليه الرياسة بالقدس الشريف ودرس بالمعظمية نِيَابَة عَن وَالِده وناب عَنهُ فِي الْقَضَاء بالديار المصرية ثمَّ ولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف فِي الْمحرم سنة أحدى وَخمسين وَثَمَانمِائَة عوضا عَن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين بن خير الدّين الْحَنَفِيّ ودرس بِالْمَدْرَسَةِ المعظمية الْحَنَفِيَّة اسْتِقْلَالا ونفذت كَلمته وَعظم أمره بِاعْتِبَار وَالِده وَعمر عمَارَة هائلة بِظَاهِر الْقُدس بِأَرْض كرمه عِنْد خَان الظَّاهِر مصرفها يقرب من عشرَة آلَاف دِينَار وَاسْتمرّ إِلَى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ تنزه عَن الْقَضَاء وَتوجه إِلَى الْقَاهِرَة وفوض اليه وَالِده مشيخة المؤيدية وَاسْتقر وَلَده قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين هبة الله فِي قَضَاء الْقُدس الشريف فَلَمَّا توفّي وَالِده قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة نزل عَن المؤيدية لِعَمِّهِ برهَان الدّين واستوطن الْقُدس ثمَّ سَافر إِلَى الْقَاهِرَة وَاسْتقر فِي مشيخة المؤيدية فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَشرع يتَرَدَّد من الْقَاهِرَة إِلَى الْقُدس ذَهَابًا وإيابا الى ان نفد جَمِيع مَا مَعَه من المَال وَصَارَ فَقِيرا ثمَّ حضر الى الْقُدس الشريف فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَنزل بعمارته الَّتِي بكرمه عِنْد خَان الْملك الظَّاهِر بيبرس وَأقَام بهَا مُدَّة يسيرَة ثمَّ قصد التَّوَجُّه الى الْقَاهِرَة فوصل الى مَدِينَة غَزَّة فَأَدْرَكته الْمنية بهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة سادس شهر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بالجامع الجاولي وَدفن بتربة هُنَاكَ بجوار الْجَامِع وَقد تلاشت احوال عِمَارَته الَّتِي بِظَاهِر الْقُدس وَخرب عاليها فِي هَذِه الْمدَّة الْيَسِيرَة الَّتِي هِيَ دون تسع سِنِين بعد وَفَاته وَصَارَت من المهملات بعد مَا كَانَ فِيهَا