وَقَالَ الشَّيْخ عبد الرحمان القرقشندي فِيهِ يَا شمس دين الله يَا وَاحِدًا فِي عصره أفديه من وَاحِد فسر كتاب الله نلْت المنى لَا يُنكر التَّفْسِير لِلْوَاحِدِيِّ واشتهر اسْمه وشاع ذكره وَلم يبْق فِي هَذِه الْبِلَاد فِي الْحَنَفِيَّة نَظِيره الشَّيْخ محب الدّين بن الشّحْنَة وَله مُصَنف جيد أكمل مِنْهُ ارْبَعْ مجلدات سَمَّاهُ (الْمسَائِل اشريفة فِي أَدِلَّة أبي حنيفَة) وَلم يكمل واتصل بِالْملكِ الْمُؤَيد شيخ بِسَبَب وَاقعَة جرت وَهِي ان الْملك النَّاصِر فرج بن برقوق لما كَانَ سُلْطَانا وَكَانَ الْملك الْمُؤَيد شيخ من جملَة أَرْكَان دولته قصد الْعِصْيَان عَلَيْهِ وَالْخُرُوج عَن طَاعَته فاستفتى الْملك النَّاصِر عَلَيْهِ الْعلمَاء وَمن جُمْلَتهمْ الشَّيْخ شمس الدّين الديري فأفتاه ان من خرج على الامام وحاربه يترتيب عَلَيْهِ كَذَا ويترتيب عَلَيْهِ كَذَا وسوغ لَهُ مَا يَقْتَضِي قَتله فَمَا كَانَ بأسرع من أَن قتل الْملك النَّاصِر وَولي الْمُؤَيد شيخ السلطنة فَلَمَّا نزل الْمُؤَيد شيخ إِلَى الشَّام وَقدم بَيت الْمُقَدّس تخوف مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين الديري فاستدعاه الْملك الْمُؤَيد فَحَضَرَ اليه بقبة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وَحصل بنهما كَلَام يتَضَمَّن عتب السُّلْطَان عَلَيْهِ بِسَبَب مَا أفتى بِهِ عَلَيْهِ فَأَجَابَهُ بِجَوَاب حسن مَعْنَاهُ انه لم يفت عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أفتى على من حَارب الامام الْأَعْظَم وَخرج عَن طَاعَته وَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا السُّلْطَان لَو استفتيتني انت على من حاربك وَخرج عَن طَاعَتك لأفتيتك بقتاله وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شرعا فَقبل مِنْهُ السُّلْطَان ذَلِك وقربه اليه وَكَانَ يعتبره ويعظمه تَعْظِيمًا زَائِدا وَلما مَاتَ قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين بن العديم جِيءَ بِهِ من بَيت الْمُقَدّس على الْبَرِيد وَولي قَضَاء الديار المصرية فِي جمادي الأولى سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة فَعظم أمره ونفذت كَلمته وشاع ذكره وَهُوَ أول الرؤساء من بني الديري ثمَّ لما عمر السُّلْطَان الْمُؤَيد شيخ جَامعه بِبَاب زويلة بِالْقَاهِرَةِ قَرَّرَهُ شَيخا فِيهِ فِي مستهل ذِي الْقعدَة سنة اثتين وَعشْرين ثومانمائة