اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سنة وَلم يحصل مِنْهُ ضَرَر لأحد وَكَانَ متأدبا سالكا طرق الحشمة لم يصدر مِنْهُ مَا يشينه وتأسف النَّاس عَلَيْهِ وَدفن عِنْد أسلافه بماملا عِنْد الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وعوضه عَن شبابه الْجنَّة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة خطيب الخطباء شرف الدّين أَبُو اسحاق مُوسَى ابْن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام جمال الدّين أبي مُحَمَّد عبد الله بن شيخ الاسلام نجم الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن جمَاعَة الْكِنَانِي الشَّافِعِي عين خطباء الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف ومعيد الْمدرسَة الصلاحية مولده فِي حادي عشري رَجَب سنة خمس واربعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فِي عفة وصيانة لم تعلم لَهُ صبوة واشتغل بِالْعلمِ الشريف على وَالِده وَغَيره وخطب بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَله نَحْو خَمْسَة عشر سنة وَاسْتقر فِي الخطابة مشاركا لبَقيَّة الخطباء هُوَ وَأَخُوهُ الْخَطِيب بدر الدّين مُحَمَّد وَأعَاد الْخَطِيب شرف الدّين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَفضل وتميز واشتغل عَلَيْهِ الطّلبَة فَصَارَ من أَعْيَان بَيت الْمُقَدّس وَهُوَ رجل خير من أهل الْعلم وَالدّين لَا يخْتَلط بِأحد وَلَا يتَكَلَّم بَين النَّاس فِي أُمُور الدُّنْيَا وَعِنْده فصاحة فِي الْخطْبَة وعَلى صَوته الانس والخشوع وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه كَانَ الله فِي عونه وَسَنذكر بَقِيَّة الخطباء فِيمَا بعد فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان فِي الْحَوَادِث الْوَاقِعَة فِي أَيَّامه إِن شَاءَ الله تَعَالَى (ذكر فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وَغَيرهم من الْأَعْيَان ومشايخ الصُّوفِيَّة والزهاد) (بالقدس الشريف وبلد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) الْفَقِيه ضِيَاء الدّين ابو مُحَمَّد عِيسَى بن مُحَمَّد الهكاري الشَّافِعِي أحد الْأُمَرَاء بالدولة الصلاحية كَانَ كَبِير الْقدر وافر الْحُرْمَة معولا عَلَيْهِ فِي الآراء والمشاورات وَكَانَ فِي ابْتِدَاء أمره يشْتَغل بالفقه بِمَدِينَة حلب فاتصل بالأمير أَسد الدّين شيركوه عَم السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَصَارَ إِمَامه وَلما توجه إِلَى الديار المصرية