مُحَمَّد بن جمَاعَة الْكِنَانِي الشَّافِعِي مولده بالقدس الشريف فِي إِحْدَى الجمادين سنة خمسين وَثَمَانمِائَة أجَازه جمَاعَة وَأدْركَ أَصْحَاب الْحجاز وَلم يَأْخُذ عَنْهُم وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على مَشَايِخ عصره ودرس فِي مدرسة الدويدارية وباشر خطابه الْمَسْجِد الْأَقْصَى نِيَابَة عَن وَالِده وَكَانَ يخْطب من إنشائه بفصاحة لفظ وَصَوت عَال صقل وناب فِي الحكم عَن وَالِده حِين ولي قَضَاء الْقُدس الشريف ثمَّ ولي قَضَاء الْقُدس اسْتِقْلَالا بعد وَفَاة القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن السائح فِي دولة الْملك الأِشرف اينال فِي سادس عشري شعْبَان سنة سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة فباشر بشهامة وَحُرْمَة زَائِدَة وحشمة وافرة وعلت كَلمته وَنفذ أمره وَكَانَ شكلا حسنا بسيط الْيَد مَعَ قلَّة المَال وَله اعْتِقَاد فِي الْفُقَرَاء على طَريقَة آبَائِهِ الْمُتَقَدِّمين وَهُوَ آخر قُضَاة بَيت الْمُقَدّس المعتبرين فِيمَا أدركناه توفّي رَحمَه الله وَهُوَ بَاقٍ على الْقَضَاء بعد الْعشَاء الْآخِرَة من لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بتربة ماملا بالحوش الَّذِي بِهِ الشَّيْخ ابو عبد الله الْقرشِي وَالشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن ارسلان وَكَانَت جنَازَته حافلة عَفا الله عَنهُ وَسَنذكر من ولي بعده قَضَاء الشَّافِعِيَّة بالقدس الشريف فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف قايتباي إِن شاءالله تَعَالَى (الخطباء بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف ومقام سيدنَا الْخَلِيل) (عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) قد تقدم عِنْد ذكر فتح بَيت الْمُقَدّس ان الَّذِي خطب بِهِ عقب الْفَتْح ابْن الزكي وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاة محيي الدّين ابو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن الزكي الْقرشِي الشَّافِعِي وَنسبه مُتَّصِل بسيدنا عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ مولده فِي سنة خمسين وَخَمْسمِائة ولي قَضَاء دمشق فِي شهر ربيع الأول سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَكَانَ وَالِده وَحده أَيْضا قاضيين بهَا وعلت مَنْزِلَته عِنْد الْملك صَلَاح الدّين وَكَانَ عَالما حازما