ذِي الْقعدَة وَأَرْسلُوا إِلَى الْملك الصَّالح ايوب يستدعونه فَأَتَاهُ فرج لم يسمع بِمثلِهِ وَسَار وَمَعَهُ النَّاصِر دَاوُد إِلَى مصر وَصَارَ يلتقيه فِي كل يَوْم فرج من العساكر إِلَى أَن دخل إِلَى قلعة الْجَبَل بكرَة يَوْم الْأَحَد لست بَقينَ من ذِي الْقعدَة وزينت لَهُ الْبِلَاد وَفَرح النَّاس بقدومه وَلما اسْتَقر فِي ملك مصر خَافَ النَّاصِر دَاوُد أَن يقبض عَلَيْهِ فَطلب دستورا وَتوجه إِلَى بِلَاد الكرك وَفِي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة قوى خوف الصَّالح اسماعيل صَاحب دمشق من ابْن اخيه الصَّالح أَيُّوب صَاحب مصر فَسلم صفد والشقيف إِلَى الافرنج ليعضدوه ويكونوا مَعَه على ابْن اخيه الصَّالح ايوب فَعظم ذَلِك على الْمُسلمين " ذكر تَسْلِيم الْقُدس الشريف إِلَى الإفرنج " لما دخلت سنة إِحْدَى واربعين وسِتمِائَة حصلت فِيهَا المراسلة بَين الْملك الصَّالح أَيُّوب صَاحب مصر وَالْملك الصَّالح اسماعيل صَاحب دمشق بِالصُّلْحِ وان صَاحب دمشق يُطلق الْملك المغيث فتح الدّين عمر بن الصَّالح أَيُّوب وحسام الدّين بن عَليّ الهدماني وَكَانَا معتقلين عِنْد الصَّالح اسماعيل فَأطلق حسام الدّين وجهزه إِلَى مصر وَاسْتمرّ الْملك المغيث فِي الاعتقال وَاتفقَ الصَّالح اسماعيل مَعَ النَّاصِر دَاوُد صَاحب الكرك واعتضدا بالافرنج وسلما اليهم طبرية وعسقلان فعمر الافرنج قلعتهما وسلما أَيْضا اليهم الْقُدس بِمَا فِيهِ من المزارات قَالَ القَاضِي جمال الدّين ومررت إِذْ ذَاك بالقدس مُتَوَجها إِلَى مصر وَرَأَيْت القسس قد جعلُوا على الصَّخْرَة قناني الْخمر للقربان فَالْحكم لله الْعلي الْكَبِير وَكَانَ النَّاصِر دَاوُد فتح بَيت الْمُقَدّس - كَمَا تقدم - فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ ثمَّ فعل هَذِه الفعلة القبيحة فأبدل حَسَنَة بسيئة وَقد انتقم الله مِنْهُ فِيمَا بعد على مَا سَنذكرُهُ عِنْد وَفَاته فنعوذ بِاللَّه من سوء الخاتمة والضلال بعد الْهِدَايَة