ثمَّ لم يكن لقدميه قَرَار فخلق الله لَهُ صَخْرَة مُرْتَفعَة من ياقوتة خضراء وأمرها حَتَّى دخلت تَحت قدمي الْملك فاستقرت أَقْدَام الْملك عَلَيْهَا ثمَّ لم يكن للصخرة قَرَار فخلق الله للصخرة ثوراً عَظِيما صفته لَا يُحِيط بهَا إِلَّا الله تَعَالَى لعظمها وامره أَن يدْخل تحتهَا فحملها على ظَهره وَقيل على قرونه ثمَّ لم يكن للثور قَرَار فخلق الله لَهُ حوتاً عَظِيما لَا يقدر أحد أَن ينظر إِلَيْهِ لعظمه ولبروق عَيْنَيْهِ وَأمره الله تَعَالَى أَن يصير تَحت قَوَائِم الثور وَاسم هَذَا الْحُوت بهموت ثمَّ جعل قراره على المَاء وَتَحْت المَاء والهواء الظلمَة والأرضون كلهَا على مَنْكِبي الْملك وَالْملك على الصَّخْرَة والصخرة على الثور والثور على الْحُوت والحوت على المَاء وَالْمَاء على الْهَوَاء والهواء على الظلمَة ثمَّ انْقَطع علم الْخَلَائق بِمَا تَحت الظلمَة (الْعقل) ثمَّ خلق الله تَعَالَى الْعقل فَقَالَ لَهُ أقبل فَأقبل ثمَّ قَالَ لَهُ أدبر فَأَدْبَرَ ثمَّ قَالَ لَهُ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خلقت خلقا أحب إِلَيّ مِنْك بك آخذ وَبِك أعطي وَعَلَيْك أنيب وَبِك أعاقب وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الْعَاقِل هُوَ الصَّادِق الطَّوِيل صمته الَّذِي يسلم النَّاس من شَره فَإِن الله تَعَالَى يدْخلهُ الْجنَّة وَإِن الله تَعَالَى ليعاقب الْعَاقِل يَوْم الْقِيَامَة بِمَا لَا يُعَاقب بِهِ الْجَاهِل وَإِن الْجَاهِل هُوَ الْكَاذِب بِلِسَانِهِ الخائض فِيمَا لَا يعنيه وَإِن كَانَ قَارِئًا أوكاتباً ثمَّ قَالَ مَا تزين العَبْد بزينة أحسن من الْعقل وَمَا من شَيْء أقبح من الْجَهْل فالعقل مَا يحصل بِهِ التَّمْيِيز وَهُوَ بعض الْعُلُوم الضرورية وَهُوَ غريزة نَص عَلَيْهِ الإِمَام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ وَالْمَشْهُور عَنهُ إِنَّه فِي الدِّمَاغ وفَاقا للحنفية وَعند أَصْحَاب أَحْمد وَالشَّافِعِيّ والأطباء أَن مَحَله الْقلب وَله اتِّصَال بالدماغ قَالَ أَصْحَاب أَحْمد الْعقل يخْتَلف فعقل بعض النَّاس أَكثر