عزم الْمُسلمين وَحصل لَهُم السرُور بِفَتْح يافا وَأخذ مَا فِيهَا وتباشروا بالنصر وخذلان الْعَدو (الْهُدْنَة الْعَامَّة) لما عرف ملك الانكثير اجْتِمَاع العساكر واتساع الْخرق عَلَيْهِ وَأَن الْقُدس قد امْتنع أَخذه قصر عَمَّا كَانَ فِيهِ وخضع وَأظْهر إِنَّه لم يهادن السُّلْطَان وَأقَام وجد فِي الْقِتَال ثمَّ طلب المهادنة وَكَاتب الْملك الْعَادِل يسْأَله الدُّخُول عل السُّلْطَان فِي الصُّلْح فَلم يجب السُّلْطَان لذَلِك وأحضر السُّلْطَان الْأُمَرَاء وشاورهم وَقَالَ لَهُم نَحن بِحَمْد الله فِي قُوَّة وَقد ألفنا الْجِهَاد وَمَا لنا شغل إِلَّا الْعَدو وحرضهم على التثبيت والتصميم وحثهم على الْجِهَاد فَقَالُوا لَهُ رَأْيك سديد والتوفيق فِي كل مَا تُرِيدُ غير أَن الْبِلَاد تشعثت وَقلت الأقوات وَإِذا حصلت الْهُدْنَة فَفِي مدَّتهَا نستريح ونستعد للحرب وَالصَّوَاب الْقبُول عملا بقول الله عز وَجل (وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لَهَا) وتعود الْبِلَاد إِلَى الْعِمَارَة واستيطان أَهلهَا وتكثر فِي مُدَّة الْهُدْنَة الْغلَّة وَإِذا عَادَتْ أَيَّام الْحَرْب عدنا وَمَا زَالُوا بالسلطان حَتَّى رضى وَأجَاب ثمَّ حصل الصُّلْح والمهدنة بَين السُّلْطَان وَبَين الإفرنج بشفاعة جمَاعَة من أَعْيَان جمَاعَة السُّلْطَان وَعقد الْهُدْنَة عَامَّة فِي الْبَحْر وَالْبر وَجعل مدَّتهَا ثَلَاث سِنِين وَثَمَانِية أشهر أَولهَا يَوْم الثُّلَاثَاء الْحَادِي وَالْعِشْرين من شعْبَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة الْمُوَافق لأوّل أيلول وَحَسبُوا أَن وَقت الِانْقِضَاء يُوَافق وصولهم من الْبَحْر وَاسْتقر أَمر الْهُدْنَة وتحالفوا لذَلِك وَلم يحلف ملك الانكثير بل أخذُوا يَده وَعَاهَدُوهُ وأعتذر بِأَن الْمُلُوك لَا يحلفُونَ وقنع السُّلْطَان بذلك وَحلف الكندهرى أُخْته وخليفته فِي السَّاحِل وَحلف غَيره من عُظَمَاء الإفرنج وَوصل ابْن الهنفرى وماليان إِلَى خدمَة السُّلْطَان ومعهما جمَاعَة من المقدمين وَأخذُوا يَد السُّلْطَان على الصُّلْح واستحلفوا الْملك الْعدْل أَخا السُّلْطَان والملكين الْأَفْضَل وَالظَّاهِر ابْني السُّلْطَان