وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث جُمَادَى الْآخِرَة خرج كمين فِي طَرِيق يافا عل قافلة فَأَخَذُوهَا وأسروا من فِيهَا (كبسة الإفرنج على عَسْكَر مصر الْوَاصِل) كَانَ السُّلْطَان يستحث عَسْكَر مصر بكتبه وَرُسُله ويدعوه نجد لأهل الْقُدس فَضرب خيامه على بلبيس مُدَّة حَتَّى اجْتَمعُوا وانضم إِلَيْهِم التُّجَّار فاغتروا بكثرتهم والعدو منتظر قدومهم وَجَاء الحبر للسُّلْطَان ليل الِاثْنَيْنِ تَاسِع جُمَادَى الآخر إِن ملك الانكثير ركب فِي جمع كَبِير وَسَار عصر يَوْم الْأَحَد فَجرد السُّلْطَان أَمِيرا وَجَمَاعَة لتلقي الْوَاصِل وَأمرهمْ بِأَن يَأْخُذُوا بِالنَّاسِ فِي طَرِيق الْبَريَّة فعبروا عُلَمَاء الْحسي قبل وُصُول الْعَدو إِلَيْهِ وَكَانَ مقدم الْعَسْكَر الْمصْرِيّ فلك الدّين أَخُو الْعَادِل فَلم يسْأَل عَن الْمنزلَة وَقصد الطَّرِيق الْأَقْرَب وَترك الْأَحْمَال عل طَرِيق أُخْرَى وَنزل عل مَاء يعرف بالخويلفة وناد تِلْكَ اللَّيْلَة إِنَّه لَا رحيل إِلَى الصَّباح وناموا مُطْمَئِنين فصبحهم الْعَدو عِنْد انْشِقَاق الصُّبْح فِي الْغَلَس فَلَمَّا بغتهم ركب كل مِنْهُم عل وَجهه وَفِيهِمْ من ركب بِغَيْر عدَّة وانهزموا وَتركُوا الْعَدو وَرَاءَهُمْ فَوَقع الْعَدو فِي أمتعتهم وتفرق الْعَسْكَر فِي الْبَريَّة فَمنهمْ من رَجَعَ إِلَى مصر وَمِنْهُم من توجه عل طَرِيق الكرك فَأخذ الْكفَّار من الْجمال والأحمال مَا لَا يعدو وَلَا يُحْصى وَكَانَت نكبة عَظِيمَة وَوصل الْجند مسلوبين منكوبين فسلاهم السُّلْطَان وَوَعدهمْ بِكُل جميل واشتغل الْكفَّار بِالْمَالِ عَن الْقَتْل والقتال (رحيل ملك الانكثير صوب عكا مظْهرا إِنَّه عل قصد بيروت) لما تعذر عل الإفرنج قصد الْقُدس وَرَأَوا أَن بيروت فزع مِنْهُم وَقطع عَلَيْهِم طَرِيق الْبَحْر فَقَالُوا هَذَا الْبَلَد أَخذه هَين وَإِذا قصدناه جَاءَ السُّلْطَان وَعَسْكَره إِلَيْنَا وخلا الْقُدس فنبادر إِلَيْهِ من يافا وعسقلان ونملكه فَلَمَّا عرف السُّلْطَان مَا عزموا