(ذكر أول مَا خلق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أول مَا خلق الله تَعَالَى اللَّوْح الْمَحْفُوظ فحفظه بِمَا كتب الله فِيهِ مِمَّا كَانَ وَيكون لَا يعلم مَا فِيهِ إِلَّا الله عز وَجل وَهُوَ من درة بَيْضَاء دفتاه ياقوتتان حمراوان وَهُوَ فِي عظم لَا يُوصف وَخلق الله قَلما من جَوْهَرَة طولهَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام مشقوق السن يَنْبع مِنْهُ النُّور كَمَا يَنْبع من أَقْلَام أهل الدُّنْيَا المداد ثمَّ نُودي الْقَلَم أَن اكْتُبْ فاضطرب من هول النداء حَتَّى صَار لَهُ تَرْجِيع كترجيع الرَّعْد ثمَّ جرى فِي اللَّوْح بِمَا هُوَ كَائِن وَمَا هُوَ فَاعله فِي الْوَقْت الَّذِي يَفْعَله إِلَيّ يَوْم الْقِيَامَة فَامْتَلَأَ اللَّوْح وجف الْقَلَم سعد من سعد وشقي من شقي وَخلق الله المَاء ثمَّ خلق الله من بعد ذَلِك درة بَيْضَاء فِي عظم السَّمَاوَات وَالْأَرضين ثمَّ نادها الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فاضطربت وذابت من هول النداء حَتَّى صَارَت مَاء يموج بَعْضهَا فِي بعض ثمَّ نُودي أَن أسكن فاستقر وَهُوَ مَاء صافي لَا كدر فِيهِ وَلَا موج وَلَا زبد (خلق الْعَرْش والكرسي وَالرِّيح) ثمَّ خلق الله تَعَالَى الْعَرْش والكرسي من جوهرتين عظيمتين وَوَضعهمَا على تيار المَاء قَالَ الله تَعَالَى (وَكَانَ عَرْشه على المَاء) قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كل صانع بني الأساس فَإِذا تمّ يتَّخذ عَلَيْهِ السّقف وَإِن الله تَعَالَى خلق السّقف أَولا ثمَّ خلق الأساس لِأَنَّهُ خلق الْعَرْش قبل السَّمَاوَات وَالْأَرضين ثمَّ خلق الله الرّيح وَجعل لَهَا أَجْنِحَة لَا يعلم كثرتها إِلَّا الله وأمرها أَن تحْتَمل هَذَا المَاء وَكَانَ الْعَرْش على المَاء وَالْمَاء على الرّيح ثمَّ خلق الله حَملَة الْعَرْش وهم الْيَوْم أَرْبَعَة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أمدهم الله بأَرْبعَة أخر فَذَلِك قَوْله