(ذكر يَوْم الْفَتْح) وَهُوَ يَوْم سَابِع عشري رَجَب - كَمَا تقدم - وَاتفقَ فتح بَيت الْمُقَدّس فِي يَوْم كَانَ مثل لَيْلَة مِعْرَاج النَّبِي صل الله عَلَيْهِ وَسلم وَرفعت الْأَعْلَام الإسلامية عل أسواره وَجلسَ السُّلْطَان للقاء الأكابر والأمراء والمتصوفة وَالْعُلَمَاء وَهُوَ جَالس عل هَيْئَة التَّوَاضُع وَعَلِيهِ الابهة وَالْوَقار وَحَوله أهل الْعلم وَالْفُقَهَاء وَعَلَيْهِم السكينَة والجلال وَقد ظهر السرُور عل أهل الْإِسْلَام بنصرتهم عل عدوهم المخذول وزينت بِلَاد الآلام لفتح بَيت الْمُقَدّس وتسامع النَّاس بِهَذَا النَّصْر وَالْفَتْح فوفدوا للزيارة من سَائِر الْبِلَاد واما الإفرنج فشرعوا فِي بيع أمتعتهم واستخراج ذخائرهم وباعوها بالهوان وتقاعد النَّاس فِي الشِّرَاء فابتاعوها بأرخص ثمن وَكَانَ مَا يُسَاوِي عشرَة دَنَانِير يُبَاع بِأَقَلّ من دِينَار وَأخذُوا مَا فِي كنائسهم من أواني الذَّهَب وَالْفِضَّة والستور وَجمع البطرك كل من كَانَ عل الْقَبْر من صَفَائِح الذَّهَب وَالْفِضَّة وَجَمِيع مَا كَانَ فِي القمامة فَقَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب للسُّلْطَان هَذِه أَمْوَال جزيلة تبلغ مِائَتي ألف دِينَار والأمان فِي أَمْوَالهم لَا على أَمْوَال الْكَنَائِس والديارات فَلَا نتركها لَهُم فَقَالَ السُّلْطَان إِذا تأولنا عَلَيْهِم نسبونا إِلَى الْغدر فَنحْن نجزيهم عل ظَاهر الْأمان وَلَا ندعهم يَتَكَلَّمُونَ فِي حق الْمُسلمين وينسبوهم إِلَى الْغدر والنكث بل ندعهم يثنون عَنَّا الْجَمِيل أَخذ الإفرنج مَا خف حمله وَتركُوا مَا ثقل وانتقل بَعضهم إِلَى صور وَبَقِي مِنْهُم زهاء خَمْسَة ألفا لم يؤدوا مَا شَرط عَلَيْهِم فَدَخَلُوا فِي الرّقّ وَكَانَ الرِّجَال نَحْو سَبْعَة آلَاف فاقتسمهم الْمُسلمُونَ وأحصيت النِّسَاء وَالصبيان ثَمَانِيَة لاف نسمَة وَمَا أُصِيب الإفرنج من حِين خَرجُوا إِلَى الشَّام فِي سنة تسعين وَأَرْبَعمِائَة إِلَى أَن بمصيبة مثل هَذِه الْوَاقِعَة وَوصل المستنفرون من الْكفَّار إِلَى أقْصَى بِلَاد الإفرنج