مثلوج فَشرب مِنْهُ ثمَّ نَاوَلَهُ الْبُرْنُس فَأَخذه من يَده فشربه الملعون فَقَالَ السُّلْطَان للْملك إِن هَذَا الملعون لم يشرب المَاء بادني فَيكون أَمَانًا لَهُ ثمَّ نصبت لَهُ الْخيام ففلما جلس فِي خيمته أحضر الْبُرْنُس فَلَمَّا أقبل عَلَيْهِ أوقفهُ بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لَهُ هَا أَنا انتصر لمُحَمد مِنْك ثمَّ عرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فَلم يقبل فبادره وضربه بِالسَّيْفِ فصرعه ثمَّ أَمر بِرَأْسِهِ فَقطع وجر بِرجلِهِ قُدَّام الْملك فارتاع وانزعج فَعرف السُّلْطَان مِنْهُ ذَلِك فاستدعاه وأمنه وطمنه وَقَالَ لما غدر غدرنا بِهِ لِأَنَّهُ تجَاوز الْحَد وتجرأ على الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم وَسَلَامه وَكَانَت هَذِه النُّصْرَة للْمُسلمين فِي يَوْم السبت لخمس بَقينَ من ربيع الآخر وَبَات النَّاس فِي تِلْكَ اللَّيْلَة عل أتم ترفع أَصْوَاتهم سرُور بِحَمْد الله تعال وشكره وتهليله وتكبيره حَتَّى طلع الْفجْر وَأما الصَّلِيب الْأَعْظَم عِنْدهم فَإِن الْمُسلمين استولوا عَلَيْهِ يَوْم المصاف وَلم يؤسر الْملك حَتَّى أَخذ صَلِيب الصلبوت وَهُوَ الَّذِي إِذا رفع وَنصب سجد لَهُ كل نَصْرَانِيّ وَركع وهم يَزْعمُونَ إِنَّه من الْخَشَبَة الَّتِي صلب عَلَيْهَا معبودهم وَقد غلفوه بِالذَّهَب وكللوه بالجوهر وَكَانَ أَخذه عِنْدهم أعظم من أسر الْملك وعظمت مصيبتهم بِأَخْذِهِ ثمَّ نزل السُّلْطَان على صحراء طبرية وَندب إِلَى حصنها من تَسْلِيمه بالأمان وَكَانَت السِّت صَاحِبَة طبرية قد حمته ونقلت إِلَيْهِ كل مَا تملكه فَأَمَّنَهَا على أَصْحَابهَا وأموالها وَخرجت بِمن مَعهَا إِلَى طرابلس بلد زَوجهَا القمس وَصَارَت طبرية للْمُسلمين وَعين لولايتها صارم الدّين قيمًا زاصنجي وَكَانَ من الأكابر وَالسُّلْطَان نَازل ظَاهر طبرية فَلَمَّا أصبح يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع عشر من ربيع الآخر طلب السُّلْطَان الاسارى من الرِّوَايَة والاستبارية فأحضر الْعَسْكَر مِنْهُم فِي الْحَال مِائَتَيْنِ وَأمر بِضَرْب أَعْنَاقهم وَكَانَ عِنْده جماع من أهل الْعلم والتصوف فَسَأَلَ كل وَاحِد فِي قتل وَاحِد فَقَتَلُوهُ بِحَضْرَة السُّلْطَان ثمَّ سير ملك الإفرنج وأخاه وهنقرى وَصَاحب جبيل