كل الْمَسَاجِد طهرت وَأَنا على شرفي منجس فَكَانَت هَذِه الأبيات هِيَ الداعية لَهُ إِلَى فتح بَيت الْمُقَدّس وَيُقَال إِن السُّلْطَان وجد فِي ذَلِك الشَّاب أَهلِي فولاه خطابة الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَكَانَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر رَحمَه الله لما عزم عل الْفَتْح كتب يَسْتَدْعِي للْجِهَاد من جَمِيع الْبِلَاد وبرز من دمشق يَوْم السبت مستهل شهر الله الْمحرم الْحَرَام سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة قبل اجْتِمَاع العساكر عَلَيْهِ وَحُضُور من استنفره للْجِهَاد إِلَيْهِ وسافر بِمن مَعَه من عسكره وخيم على قصر سَلامَة من بصر عل سمت الكرك خوفًا على الْحَاج من صَاحب الكرك الْبُرْنُس أرباط فَإِنَّهُ كَانَ شَدِيد الْعَدَاوَة للْمُسلمين مقداماً عل الشَّرّ وإثارة الحروب وَكَانَ قد عزم عل أٍ ر الْحجَّاج فَلَمَّا أحس بنزول السُّلْطَان قَرِيبا مِنْهُ عَاد وَأقَام بحصنه خشيَة على نَفسه فوصل الْحَاج فِي أول صفر إِلَى وطنهم بِدِمَشْق اطمأنت فكرة السُّلْطَان عَلَيْهِم وانتظر السُّلْطَان وُصُول الْعَسْكَر الْمصْرِيّ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَأمر وَلَده الْملك الْأَفْضَل نور الدّين عليا أَن يُقيم بِرَأْس المَاء وَيجمع العساكر الْوَاصِلَة إِلَيْهِ وَتوجه السُّلْطَان وَمن مَعَه إِلَى الكرك وضياعه فَأحرق فِيهَا وَنهب وَأسر وَسَار إِلَى الشوبك فَفعل كَذَلِك وَوصل إِلَيْهِ عَسْكَر مصر وَاسْتمرّ عل هَذَا الْحَال شَهْرَيْن وَالْملك الْأَفْضَل مُقيم بِرَأْس المَاء فِي جمع عَظِيم ينْتَظر مَا يَأْمُرهُ بِهِ وَالِده ثمَّ قوى عزمه على طبرية فَسَار بِمن مَعَه وَوصل إِلَى صفورية فَخرج إِلَيْهِم الإفرنج فِي جمع كَبِير والتقى الْفَرِيقَانِ فنصر الله الْمُسلمين وظفرهم بالمشركين فَقتلُوا مِنْهُم واسروا وعد ذَلِك من حسن تَدْبِير الْملك الْأَفْضَل فوردت البشائر عل السُّلْطَان بالكرك ثمَّ سَار السُّلْطَان وَاجْتمعَ بِهِ وَلَده وَقد كثر عَسْكَر الْإِسْلَام وَاجْتمعَ وَاشْتَدَّ عزمهم على الْجِهَاد وقوى وَسمع الإفرنج بِمَا هم فِيهِ من الْكَثْرَة وتحققوا انهم